كانت أولَ مرة أرى فيها رجلاً مبتورَ الساقيْنِ..
قشعريرة قوية سَرَت في جسدي، و أحاسيس شتى أطلت من عيني، قبل أن أسمح لنفسي بإنهاء الزيارة، بُعَيْدَ ابتدائها بثوانٍ قليلة..
"يا إلهي"..
تبادلنا النظرات..
كلنا نحمل ذاتَ المشاعر..
غضب مكتوم، رغبة في ثأر، إشفاق و رقة شديدة، ذهول مشوب بعجب..
"إنه لذو حظ عظيم.. اختاره الله ليبتليه، فصبر و شكر"
هكذا قلتُ.. فوافقوني الرأي جميعا، و أعادوا على مسامعه كلمات التثبيت و التأييدِ – التي عجزتُ أنا عنها – مع دعاءٍ بالنصر و الفرج القريب..
و غادرنا..
كما جئنا.. غادرنا..
* * *
يصلِّي على كُرْسيِّه..
ينظرُ إلى موضعِ قدميْه الخالي، و يبكي..
حوارٌ قديم، تديره الذاكرةُ في عقلِه:
صوتٌ جهور:
" يختارُ الله منا الأمثلَ فالأمثل.."
يرى نفسَه جالسا وسْطَ أقرانِه..
الرجل الذي يخطب فيهم يتابع:
" مُصعَب استُشهِد؛ لأنه كان يقوم الليلَ بستة أجزاء."
يدير فيهم عينين من ماس، هاتفا:
"من منكم يقوم الليل بستة؟؟"
يجيب الشاب في داخله، بتخاذل:
"أنا أقوم بأربعة.."
"لا، ليس بعد.."
قالها الخطيب في قوة، و كأنه سمعَ ما دار في خلد الشاب، أو قرأه في عينيه..
* * *
"الله أكبر"..
- أريد الشهادة..
- ليس بعد..
- أنا أقوم بأربعة..
- ليس بعد..
- لا قيامَ لي بعد اليوم..!
- جاهد بيديك و ما بقيَ من جسدك..
جاهد بقلبك و عقلك..
جاهد بصبرك و علمك..
جاهد
جاهد
جاهِدْ
* * *
لم يزُرْه أحدٌ بعدَها..
قد مات..
مات على فراشِه..
مَبْتورَ الساقَيْن..
شهيداً.
* * *
قشعريرة قوية سَرَت في جسدي، و أحاسيس شتى أطلت من عيني، قبل أن أسمح لنفسي بإنهاء الزيارة، بُعَيْدَ ابتدائها بثوانٍ قليلة..
"يا إلهي"..
تبادلنا النظرات..
كلنا نحمل ذاتَ المشاعر..
غضب مكتوم، رغبة في ثأر، إشفاق و رقة شديدة، ذهول مشوب بعجب..
"إنه لذو حظ عظيم.. اختاره الله ليبتليه، فصبر و شكر"
هكذا قلتُ.. فوافقوني الرأي جميعا، و أعادوا على مسامعه كلمات التثبيت و التأييدِ – التي عجزتُ أنا عنها – مع دعاءٍ بالنصر و الفرج القريب..
و غادرنا..
كما جئنا.. غادرنا..
* * *
يصلِّي على كُرْسيِّه..
ينظرُ إلى موضعِ قدميْه الخالي، و يبكي..
حوارٌ قديم، تديره الذاكرةُ في عقلِه:
صوتٌ جهور:
" يختارُ الله منا الأمثلَ فالأمثل.."
يرى نفسَه جالسا وسْطَ أقرانِه..
الرجل الذي يخطب فيهم يتابع:
" مُصعَب استُشهِد؛ لأنه كان يقوم الليلَ بستة أجزاء."
يدير فيهم عينين من ماس، هاتفا:
"من منكم يقوم الليل بستة؟؟"
يجيب الشاب في داخله، بتخاذل:
"أنا أقوم بأربعة.."
"لا، ليس بعد.."
قالها الخطيب في قوة، و كأنه سمعَ ما دار في خلد الشاب، أو قرأه في عينيه..
* * *
"الله أكبر"..
- أريد الشهادة..
- ليس بعد..
- أنا أقوم بأربعة..
- ليس بعد..
- لا قيامَ لي بعد اليوم..!
- جاهد بيديك و ما بقيَ من جسدك..
جاهد بقلبك و عقلك..
جاهد بصبرك و علمك..
جاهد
جاهد
جاهِدْ
* * *
لم يزُرْه أحدٌ بعدَها..
قد مات..
مات على فراشِه..
مَبْتورَ الساقَيْن..
شهيداً.
* * *
No comments:
Post a Comment