إنها لي

الهدف الرئيسُ مِن هذه المدونة هو تأريخٌ لما أكتب، فلستُ أزعمُ أن أفيدَ بها أحداً سواي

Dec 28, 2007

صدقة


ياربِّ قد أعْلِمْتُ أنَّ خيارَنا = إنْ يغفُلوا عنْ ذِكرِهمْ، يتَصدَّقوا
مَنْ منهمو ألهاهُ بستانٌ قَضَى = "للمُعْدَمين وهَبْتُه.. هل أعْتَقُ"

و من اعتراه لثوبِهِ عُجْبٌ، و قَدْ = كاد الخشوع يصابُ في إغفائِهِ
أنْهَى الصلاةَ، و زاهداً في ثوْبِهِ = أعطاه مَنْ يحتاجُ حُسْنَ عطائِهِ

و أنا الذي في غيرِ يُسْرٍ جهْدهُ = يَرْعَى الصلاةَ؛ لكي يُصانَ خشوعُها
فيريبُه الشوْقُ المُغِيرُ بفِكْرِهِ = و هواجسُ النَّفْسِ الضعيفِ رباطُها
فبِمَ التصَدُّقُ و الأمورُ تفوقُني = و القلبُ ملْكُكَ ، و الفتاةَ أحِبُّها ؟!!

Dec 15, 2007

معادلة رباعية


معادلةٌ رُباعِيّةْ = نتوقُ لأمرِها، هيّا
فإيمانٌ و تخطيطٌ = بُعَيْدَ الحُلمِ و النِّيَّةْ
و نادوا: ثُمَّ فالتزموا = نجاحاتٍ دراسِيّةْ
أمورُ الدينِ، تتلوها = أمورُ الدرْسِ مَرْعِيّةْ
سنلقَى عندها نصراً = و كان الوعدُ مأتِيّا
معادلتي.. معلِّمتي = فريقي.. كُنْ معي هيا
* * *
أحبُّ الناسَ من حولي = و أسعَى للهدى جَهْدِي
و أسألُ عَوْنَ إخواني = و أعطيهم بلا حِقْدِ
هم الرفقاءُ في دَرْبي = و لستُ بناجحٍ وَحْدي
بظَهْرِ الغيْبِ أذكُرُهم = و أدعو رافعاً يدّي
إلهي قدِّر التوْفيقَ و التمكينَ مَقْضيّا
معادلتي.. معلمتي = فريقي.. كُنْ معي هيّا
* * *
شكوتُ إليهمو حزني = و عَجْزَ النَّفْسِ دَحْرَ الهَمّ
تعاونَّا على التقْوَى = بحُبِّ فاقَ قُرْبَ الدَّم
فلا تمييزَ، لا زلفى = لمأمومٍ و لا مَنْ أمّ
طلَبْنَا سُنَّةَ الصدِّيقِ و الفاروقِ و ابْنِ العَمّ
و سَعْدٍ و ابْنِ عفّانٍ = و كلٌّ كانَ مَرْضيّا
معادلتي.. مُعلِّمتي = فريقي.. كن معي هيا
* * *
معادلتي.. مضَى عامٌ = أطالَ اللهُ في عُمرِكْ
سنَسعى للعُلا سعَيا = محافَظةً على عَهْدِكْ
و ندعو كلَّ إنسانٍ = عساه ينالُ مِنْ خَيْرِكْ
و لن نَنْسَى عزائِمَنا = و لن يبْقى سوى شُكرِكْ
سنقفو إثْرَ عائشَةٍ = و فاطمةٍ، و مارِيّا
معادلتي.. معلمتي = فريقي، كن معي هَيّا !

Dec 14, 2007

رحماك أبي


هل تذكُرُ يَوْمَ رحَلْتَ بعيداً ؟
كنتُ أنا بالصفِّ الثاني.. تلميذةْ
- ذكراك أبي جدّ عزيزةْ -
فأردْتَ بنهَمٍ أن تشبَع
و تقَرِّرُ حين تجالسني
أنْ فَخْذُكَ لي أحْنَى مَقْعَدْ
و أقرِّرُ حين تهدْهِدني
كتفاكَ أبي، خيرُ المضجَعْ
كفّايَ بكفِّكَ، تصحبني
- كأعزِّ صديقٍ – تأنسُ بي

أوَتَذْكرُ هَلَعَك في مرضي؟!
يومٌ ليست تمحوه الأيامْ
"لابد ستؤذي"..
أتَمنَّع
" انْظُرْ ".. أتواثبُ فوق الأرضْ؛
- إثباتُ البُرْءِ من الأسقامْ -
أقْسمْتَ بأنَّ الإبرةَ لا تؤذي
فانشرح فؤادي
" أبتِ لم يَغْرُرْ بي، مُذْ ميلادي! "

لم تملُلْ يوماً أن تَقْصُصَ، فعسايَ أنامْ
و لِرَكْبِ النومِ، أبي، قصُّكَ أشجَى حادي

* * *

في كل بُيوتَاتِِ المشرقِ، للذكرِ على الأنثى التفضيلْ
في بيتِك.. للبنتِ التدليلْ !
في بَيْتِكَ ترفَعُ شأنَ الفتياتِ جميعاً بي
تطلبُ مرضاتي حين أميلْ
لا تُحْسِنُ سِنَةً ، و أنا أبكي ساقاً مبتورة
لعروسٍ نال أخي منها..
تضربُه، تسرع محموما في الحرِّ أو القرِّ، و تجفو مضجعَك الناعمَ، من أجلي
و العُتْبَى هَدفُ التقبيلْ

في العملِ ، لَدَى كلِّ زميلْ
مفضوحٌ بهيامِك بي!
لا أُذْكَرُ إلا و اسمي مقرونٌ بعيونِ أبي
مسبوقٌ بأعزِّ و أجملِ ألقابي
بالروح و بالقلبِ و بالعقلِ
و "حِبُّ أبيها" ..
و كأنْ لم يُنجِبْ غيرُكَ بنتاً
و كَأنْ لا قَبْلَ و لا بَعْدَ البنتِ سليلْ !!

* * *

قاتلها الله بلادَ النِّفْطْ
حينَ تفرِّقُ بين الأبّ و طفلتِهِ
حين تغَيِّبُ أبّاً عن حفلِ وداعِ طفولةِ زهْرتِهِ
و استقبالِ شبيبتها
حين تضيفُ إلى أسوار الهيبةِ و وقارِ الشيْبِ جبالاً
و تقيمُ سدوداً بين مشاعرَ بالقلبِ ، و تقييد الشَّرْطْ
و تبيحُ – بزعمٍ منها – إبداءَ الحقدِ، و إعلاءَ الغَمْطْ
و تحرِّمُ للرحمةِ غيرَ التقتيلِ، و سجنِ قليلٍ منها و الفَرْط

أبتِ.. إنّي في عزِّ الحوْجِ إليْكْ
تَجْمَعُ أموالاً.. أعلمُ..
يلعَنُها اللهْ
تَصِلُ اليوْمَ بغَدِكَ المكرورِ، بلا نَوْمْ
و تؤاكلُ وحْدتَكَ ، و كل الأكل بلا طَعمْ
أو عذْبُ الطعم و لا يَتَذوَّقهُ الفمْ
ما الجَدْوى؟
ما النفعُ بكَنْزٍ تحيا مغموماً تكنِزُهُ
و الكيُّ نصيبُ الأبدانِ غداً، أو بَعْدَ الغدْ
و الغيرُ يبدِّدُه في غمْضةِ عَينْ ؟
و تضاجع غربَتَك، و موفور الهَمّ
أعلمُ.. يرحمُك اللهْ
و كنوزٌ أخرى كانت بينَ يديْكَ، فَلِمَ أبَتِ هَجَرْتْ؟!
يلعنُها الله
أسباباً تُقْصيكَ عن الزوْجِ، و تُنْسيكَ الرهْط

هذي ابنتُك و قد نضِجَتْ
آن أوانُ القطفِ، و لا رَيّ هناك ، و لا غيرَ الدودِ و آفاتِ الغَيْطْ
أبتِ.. هذي ابنتُك .. نَسِيتْ؟!
رَيْحانَتُكَ الظمأى
"حِبُّ أبيها"..
أينَ، و لا أين يغيبُ الحُب؟؟
ما تفعَلُ كلماتٌ مِنْكَ على شاشةْ ؟
ما تُغْني مراسلتُك عن دمعي شيئاً..
ما يفطنُ صوتُك في الهاتف للأمر الشاغلِ تفكيري
عمَّ أحدِّثُك؟ عن الرقةِ ؟
عن فطنةِ والدِ زوج كليمِ الله؟
و حياءِ فتاتَيْن تذودانْ..
عن بئرٍ لا يُصْدِرُ أمَّتُها..
والحلق يجفُّ، و يوماً بَعْدَ اليَوْمِ تقطَّعَ طلباً للماء؟
عن أبٍّ.. يُحِْسنُ تفسيري
و أعلِّقُ في إبطيه ذراعي، حين نرود المطعمَ ليلاً
تسأله أمي: "أين؟ و فيمَ خروجُكما الآن؟"
فيجيبُ ببسمٍ منه عريضْ:
"سرٌّ بين حبِيبَيْن، يوَدّان الكتمانْ! "
عن حلمي ... طرقاتُ أبي بالبابْ..
يلمحُ نظرةَ عيني، دون أحَدِّثُ.. يسألُ:
عن أيّ شباب الجامعة أبالي؟
أهرُبُ من عينِكَ في خَجَلٍ
و بعيني يلتمعُ جوابي
آهٍ يا أبتِ..
و بأيِّ حديثٍ تؤمِنُ لي؟
و بأي شفيعٍ - من دونِ الآلامِ - سترْضَى بالحالْ؟
و تعودُ لأحضاني.. تُنفِقُ رفقاً و حنانًا و سؤالاً
لتوفَّى الأجرَ بغيرِ حسابْ ؟!

* * *

Nov 15, 2007

نخوة

(1)
إنِّي أتَضوَّرُ جوعاً
لكني لم أسلبْك طعامَكْ
أن تأكُلَ: شَهوَةْ
أن تقْدِرَ أن تحيا من غيرِ الشهوَةِ: نَخْوَةْ !
* * *
(2)
يَرْحَمُ ربي أياماً
كان صراخُ المرأةِ فيها
يستَنْهِضُ حَرْبا
تنكشفُ العورةُ؛ يَكْفِيهم للغَزْوَةِ سَبَبا
اليومَ، أنوحُ و أبكي
أتوَسَّلُ.. قد يُهْتَكُ عِرْضي
قد أقْذَفُ.. قد أوسَعُ ضَرْبا
قد يُسْلمُني كَلْبٌ كلبا
لا الحربُ اشتَعلَتْ ثأراً لي
أو هذا السِلْمُ المَفروضُ علينا قد
وَلَدَ العِزَّةَ مَنْ رَحِمِ الأشلاءِ الحِبْلَى
أو خاطَ جروحَ الحُرُماتِ الداميةِ بأرضي
بل تركَ الموتَ، يعجِّلُهُ
مَرَضي
* * *
(3)
وا إسلاماه!
وا زَيْدَاهْ.. وا عُمَرَاهْ
وا محموداهْ !
يا تُبَّعَ مِلَّةِ إبْرَاهِيمَ، و حَمَلةَ دِينِ اللهْ !
* * *
(4)
و تَزاوَجْنا
و تكاثَرْنا
كَثُرَ النسْوَةُ في قُطْرَيْنا
كَثُرَتْ شَكْوَاهُنَّ، فهذي
تَزعُمُ أنَّ الذئبَ ترَبَّصَ كي يتلمَّسَ قِطعاً منها
تلكَ، تحسَّسَ مِنْ خَصْرَيْها
أوْغَلَ هذا مِنْ تحتِ ذيولِ الثوْبِ، فأدْرَكَ رِجْلَيْها !
ثَقبَ الآخرُ باباً بسِهامِ العينِ فأبْصَرَ مِن خلفِ الحُجُبِ، الخُصَلَ العاريةَ لديها
نرْفعُ شكواهنَّ لمَنْ وَلِيَ الأمرَ، فيقْضِي:
" هُنَّ نساءٌ يتَدلَّلْنَ على الأزواجِ،
فهَلْ عَدْلٌ
أنْ نَرْجُمَ مَنْ يَرْمُقهنَّ بِشهَوةْ ؟!
لكِنْ، حينَ يواقعُهنَّ غريبٌ – لا يَرضَيْنَ بهِ – غَصْبا
أعِدُ بتحْريكِ الجُنْدِ، و تَقْبيلِ الجَبْهَةِ و يَدَيْها !!
و الآن... اذْهَبْ
شكواكَ لغيْرِ الله مَذلَّةْ ! "
* * *
(5)
ماذا لو واقَعَهُنَّ الجندُ بنَفْسِهْ ؟!
هل نرفعُ شكوَى ؟؟
نَقتُلُه ُ ؟ أمْ نَطْلبُ عَفْوَهْ ؟!
* * *
(6)
وصَّاكَ رسولُ اللهِ بنا
فأضَعْتَ وَصِيَّتَه غَفْلا
و كَفَى بِجَهنَّمَ مَثْوَى
* * *
إحقاقا للحق، لا بد من هذا التذييل:

هو لا يعْرفُني
لمجرَّدِ أني مُسلِمَةٌ كَلْمَى
تَسْتنجِدُ.. تَبْكِي
فتمَلَّكَه الحزنُ، تمَنَّى
لو يجْعلُ كلَّ دموعِ العينِ رَصاصا
في صدرِ الوغدِ نَرَى غَوْصَهْ

لا يعرفُني
لكنّي أعْرِفُ شيمَتَه ُ، شَخْصَهْ
لا أعرِفُ شَكْلَهْ
لكنّي أعرِفُه ُ:
عَرَبيٌّ ، شَرْقيٌّ ، حارُ الدمِّ، فكلماتٌ صادِقَةٌ مِنْهْ
تَتْلو وَصْفَهْ
مِنْ بيْنِ السَّطْرِ ترى أصْلَهْ
* * *
صرخاتي تتمَنّى أخّا
ذكَّرني أنَّ أخوةَ إسلامٍ عُظْمَى
تَمْنَحُني مِثْلَهْ !
أخْبَرَني أنَّ الكلَّ لنا إخْوَةْ
فاختاري ما شِئتِ .. أشيري
إخوَتُكِ يُجِيبونَ الصَّرْخَةْ

فجزاهُ اللهُ – عَلا – خَيْرا

* * *

Oct 13, 2007

لقطات

(1)

أكمَلْنا العُدَّةَ، كبَّرنا
و لعلَّ الشكرُ له مِنا
لم نقصُرْ فيهْ

* * *

(2)

أمسَكْتُ بطَرَفِ الثوبِ أشدُّ إليّ
و قبضْتُ على ما طالته الأيدي مِنهْ
أتوسُّل .. و بكل الذِّلةِ: فلتَبْقْ
لا تذهبْ.. حتى إنْ كنتَ ستأتي بالعيدْ
نرجوكَ، ستذهبُ، تتركُنا نُفْطِرُ بالشوْقْ
تبكيك عيونٌ ما نامت قط
مذ كنتَ هنا.. تعطينا من نفحاتكَ و تزيدْ

* * *

(3)

و على بيوتِ الله دُرْتُ، فلم أجِدْ
غيرَ الخواءِ، و ثَمَّ صفٌّ ، أو فنِصْفْ
و سألتُ: أين المسلمونَ؟ ألم تكن
في خيرِ أيامٍ ثلاثينَ مَضَتْ
ضاقت مساجدُهُم و هذي الأرضُ قد رَحُبَتْ بهم؟!
قالوا: كأنَّ نفوسَهم عن فعلِ خيرٍ تستَعِفّ
كأنَّ نبعَ الروحِ جف !

* * *

(4)

كنا بالأمسِ على دين التوحيدْ
نرتدُّ اليومْ
فخلعنا ثوبَ الإسلامِ، لبِسنا
أثوابَ العيدْ !

* * *

(5)

في ليلتي تلكَ ارتآني والدي
و المصحفُ الكريم في يدي

" هل لا زلتَ ترتِّلُ آياتِ القرآنْ ؟
ما تفعلُ ؟ قد ولَّى رمضانْ .... !! "

* * *

1 شوال 1428
عيد الفطر المبارك

Oct 5, 2007

حيْضُ رجال!

(المسجد)

أسمعُ آياتِ القرآنْ
من خلفِ النافذةِ المفتوحةِ يأتيني
صوتُ إمامْ
ليلةُ رمضَانْ
ليلةُ مغفرةٍ، أو عتقٍ من نيرانْ
أوّاه
حِضْتُ اليومَ، فغيري يقف الآن مكاني
لستُ الليلةَ مِمَّنْ نصبوا الأقدامَ، فقاموا
خيرَ قيامْ
ربي.. أمَتُكْ ،
أمَتُكَ يا رب
قطراتٌ من دمّ الرحمِ ستمنعني
لذةَ ما كنتُ ألاقي من جوعِ صيامْ ؟؟!
تمنعُ عني إحياءَ الليل قياماً
في آخر عشرٍ من رمضانْ ؟
تمنعُ صلواتي للرحمنْ ؟!
ويلاه.. و آهٍ منك دماءْ !
ربِّ كتبتَ الحيضَ عليّ، و هذي إناثُ العالَمِ
حِضْنَ، فهنّ بكل الضعف إماءْ
و أنا أمَتُكْ
هالكةٌ .. إن لم يبلغْني عفوُكْ
فاغفر لي

* * *
(كرم)

مولاي دعوتُكْ..
فإذا منكَ الرحمةُ وسِعتْهُم ليلاً
فاجعلني معهم
و إذا منك العفوُ تنزَّلَ فاكتبْ لي عفواً مثلَهْ
و إذا رفعوا أيديَهم يدعونك خوفاً أو طمعاً،
فأجبتَ الضعفاءَ المضطرين، فإني
- و لأنتَ الأعلمُ بي مني –
أضعفُ مِنْ أضعفهم وَهْنا
فاجعلني منهم
ممّنْ صاموا
لم تجعلْ أنصبةَ أولئك من صومٍ ظمأً أو سَغبا
ممن قاموا
لم تجعل أنصبةَ أولئك من قَوْمتِهم سهراً أو نَصَبا
بل مغفرةً منكَ و فضلا
هي خيرٌ مما جمعوا
هل تكتب لي تسبيحي ، ما ركعوا؟!
هل تغفر لي ، ما دمعوا؟
هل تتركُ لي موضعَ ما أسجد
يستغفر لي، ما سجدوا؟!
هل تُوكِل مَلَكاً:
ما كنتُ أصلي، فيصلي؟
هل تكتبُ لي عندك أني
قمتُ و صليتُ الليلةْ ؟
ما قمتُ، و لكنّك تجزي إخلاصَ النيةْ
هل تمحو بالخير الزلةْ ؟
و الله لأنت الأكرمْ
أنت كما أثنيتَ على نفسِك
لا شيءَ يضرُّ مع اسمِك
أنت عفوٌ، و تحب العفوَ
اعفُ.. اعفُ.. اعفُ
عفوَك عنا..

* * *

(لذة)

يا رب
أشهِدُكَ على الحُب
إن تحرمْني كلَّ المحبوباتِ لديّ، فلا تمنعْ
لذةَ دمعِ الخشيةِ منكْ
ينهال فيغسلُ لي ذنبي
و يطهر قلبي
و يسوقُ إليّ رسالةَ تلبيةِ الدعوةِ، غفرانَ الرب

* * *

(رجال)

يا كل رجالٍ باتوا بالدارْ
يلهون .. و يلغونَ، و عندهمُ النومُ إمامْ
و التلفازُ القرآنْ !
كيف هجرتم مسجدكم هذا؟
و لماذا..
في البيتِ تظلون مع النسوةِ و الأطفالْ ؟
يا شِقوة جُهّالْ
نُفَساءٌ أنتَ؟ فهل حائضْ ؟
لكنا، لم نسمعْ عن حيضِ رجالْ !
قُمْ .. صلّ.. ادعُ.. اقنُتْ.. فالعامْ
لا يأتيك بأكثرَ من رمضانْ
رمضانٌ أحدٌ بالعامْ
لوددنا لو كان العامُ جمعياً رمضانْ
يا شهرٌ أنزلَ فيه القرآن
يا شهر َ صيامْ
هل حان رحيلك عنا؟
هل آن الآنْ ؟؟


Sep 11, 2007

عاد القمرْ!


هرولَ الساعي ليبلغني الخبَرْ..
"عادَ القمرْ! عاد القمرْ! "
كتب الإله له النجاةْ
لا، ما يئستُ من الإيابْ
يوماً، و لا عفتُ القدَرْ
و النفسُ تبكي كل ليلٍ، منذ غابَ
و في السماءِ تعلِّقُ العينُ البصَرْ

* * *

(حطَّ المساءْ
و أطل من فوقي القمرْ
متألق البسماتِ، ماسيّ النظَرْ)
لله كلُ الحمدِ، كل الشكرِ
قد لبّى الدعاءْ
يا أيها الرجل الأسير شرودهِ
أفلا تقومُ تحيي هذا البدرَ ، قد عاد المساءْ
لا، ما المساءُ و قد أضاء الكونَ بالنور العطِرْ ؟!
يا طفلَ والدهِ هنا..
لا زلتَ تلهو بالحصى؟؟
يا نسوة الحي الكبيرِ ، أيا فتى!
يا كل شيخٍ، يا بشرْ!
من كان منكم جاحداً، أو من شكَرْ
قوموا، فحيّوا
هبوا، و قصوا كيف كنا قبل أن يسعى الضياءْ
حيوا من اعتاد السهَرْ
يا ألف حمدٍ للإلهِ على عطاء المقتدِرْ
(و الليل في ثوبٍ ترصّع بالنجومِ،) و بالقمر!!
عاد القمر!
عاد القمرْ!
( و جلستُ أسأله عن الأيدي التي
غدرتْ بهِ)
و أجابني بالبسمِ، و الوجه المنيرِ، و بالنظرْ
يا قومِ، ها قد عادَ من غيباتِهِ..
و أعاد بسمةَ من يطل عليه من فوق الشجرْ
عاد الأسيرُ، و لم أصدقْ حين غابَ
و ما أصدقُ أنْ حضَرْ!
فكأنه كابوسُ شرٍّ عشته
طالت فِراهُ، و كل ليلٍ أنتظِرْ
حتى صحوتُ الفجرَ، بالبشرى
لا ، لا
بل بشرتيْنْ:
فهلالُ شهرِ الصومِ
و هلالُ القمَرْ!

* * *

Aug 25, 2007

رفقاً بالقوارير


"نهاية الخط"..

هكذا نزلتُ في استسلام تام، و شرود عقلٍ عظيم..

الوقتُ ليس متأخراً جداً، لكنّ الظلامَ دامس..

ترى من المسئول عن أعمدة إنارة، تملأ الشوارع، و لا أرى لها شعاعاً من نور؟!

يُخيَّل إليّ أنها وُضِعَت، فقط لتكون وظيفتها أن يصطدم بها السكارى، و الشاردون في جوفِ الليل!

نعم، هذه طقطقة حذائي العالية..

منذ متى يصدر عنه أدنى صوت؟

لكن السكون المحيط كفيلٌ بجعل تثاؤب النمل مسموعاً..

لطالما كرهتُ السير في هذا الشارع الكئيبِ، الذي إما قد مات سكانه، أو قرروا اللياذَ بالصمت إلى الأبد..

تتسربُ إلى ذهني أنباءُ الحقائب المسروقة، و الشباب العاطل الذي لا يجد له عملاً سوى التعرض للسائرين ليلاً؛ فأزيد – بحركة لا إرادية – من قوة ضغط أصابعي القابضة على حقيبتي، و أدنيها مني أكثر، بينما عقلي يواصل استدعاءَ كل القصص المبهجة، التي عرفها منذ وعى الكلام..

أسرعتُ الخُطَى، و قد بدا لي الارتجافُ نتيجة النسمة الليلة الباردة..

ثم وثبَ مني قلبي بغتة، حتى كاد يغادرني، و تحجّرَتْ قدماي أرضاً لثوان..

طقطقة أخرى تمزق معي صمت ذلك المكان..

و مع تزايد نبضاته بسرعة رهيبة، كادت توقف قلبي إلى الأبد، انطلق عقلي يعمل في سرعة مماثلة..

هل أصرخ ؟ هل أعدو؟ هل أفر هاربة؟

هل أنظر ورائي؟!

هل أكمل طريقي كأن لم يحدث شيء؟!

تذكرتُ أنه لم يبق إلا دقيقتان و أصل إلى بغيتي، فضاعفتُ من ضرب قدميّ للأرض، و قلبي يتأرجح يميناً و يساراً في شدة، باحثاُ عن نورٍ في مكان ما..

كنتُ على يقين من أنه سيهجم الآن..

كنت أثق في أنه لن يرحمني..

كنت على وشك إلقاء حقيبتي أرضاً؛ و الانفجار في البكاء..

كنت..

كنت قد وصلتُ!

* * *


ها قد بلغتُ العمران..

المحطة مزدحمة للغاية..

و الناس يتزاحمون على الركوب، كتزاحمهم على مقعد في الجنة..

أدفع نفسي دفعاً، و قد حانت مني التفاتة إلى الخلف، و عيني تطلب شيئاً بعينِه، لم تظفر به، فاستقررتُ على مقعد متهالكٍ ، قبل أن يشاركني فيه أحد..

البيت لا يزال بعيداً..

لكنها آخر ركوبة، و أصل سالمة بإذن الله..

أحب الجلوس إلى جوار النافذة..

أحب الركونَ إليها، و إسناد الرأس عليها، و إطلاق العين و العقل من خلالها..

فانطلقت عيني ترى و لا ترى، و أذني تسمع و لا أعي..

و أنفي يسحب هواء وفيراً، ثم يطلقه في محاولة ناجحة للاسترخاء..

أفكر..

هل لي أن ألعن ذلك اليوم الذي أجبرني على الخروج من بيتي أساساً؟

أم ألعن أبناء وطني، الذين تمسكوا بالذكورة ، لا بالرجولة؟!

الحركة من حولي كثيرة، و الصوت مزعجٌ، و النور أصفر باهت..

أعود فأفكر..

مرحى..

لقد نجوتِ الليلة..

لكن..

لئن نجوت اليوم، فهل أنجو غداً؟!

ويحي..

أين أنا؟

ألست وسط أهلي، و في حمى أبناء بلدي، و مسلمي أرضي؟

فلمَ لستُ في مأمنٍ على نفسي؟!

لمَ أرى كلَّ عينٍ سهماً، و كل يد سيفاً، و كل وجهٍ مسخاً ، يريد حملي بعيداً، و الفتك بي؟!

حتى من يقول لي: (أحمل عنكِ) ، فأخشى أن يحملَ عليّ، لا عني..

فمَنْ يعيد لي أمني؟

قاطع تفكيري توقفُ العربة المفاجئ، و اندفاعنا جميعا إلى الأمام..

ثم اندفاعها هي في سرعة، و ترجرج أجسامنا في قوةٍ آلمتني..

رباه..

لو كان هناك نور كاف، و أذن مرهفة، لرأيتَ صورتي في الزجاجِ و الدمع يفيض، و لسمعتَ الشفةَ بعد الذكرِ تنبس:

- يا أخي رفقاً.. تحملُ القواريرَ .. فرفقاً !

صلى الله عليه و سلم.

* * *

Jun 22, 2007

أين القمرْ؟


(1)

( قالوا: انتظرْ
لم تبقَ إلا بضع ساعاتٍ و يأتي! )

* * *

(2)

جاءَ الخبرْ
و الحزنُ ربّان السفينةْ
ما عادت الأخبارُ تصنع فارقا
تلك الأحاديثُ الحزينةْ
تنطوي بالليلِ، ثمّ يقتلها السَحَرْ
و تعودُ تُخلَقُ من جديدٍ فوق أنّاتِ البشَرْ
جاء الخبَرْ
و الكل فوق الموجِ يسعى
ينظرُ البحَّارُ في العين القديرةْ
تسأل العينُ العيونَ المستديرةْ
ما بالها لا تستبينُ قلوبُنا أرضَ الجزيرةْ ؟؟
ما بالُه عجز البصَرْ ؟
و الريح تعوي
تنقل الأصداءَ من ضوء المدينةْ
و تسوق أشرعةَ القدَرْ
يا ويل سبَّاحٍ، يجيدُ الأمرَ في هذا المطَرْ
* * *
(3)

هذا السباقُ.. و أنت عدَّاءٌ مَهَرْ
يتسلل الوهنُ الخبيث إلى العظامِ كأنه
يبغي استلابَ الفوز منكْ
عضلاتُ ساقيك اللتين تراختا
فتعيد قوةَ الانقباضِ إليهما
و تصيح: " هذا النصرُ أقبَلَ، فاثبتا
خط النهايةِ قد أتى.. "
و الليلُ في ثوبٍ ترصّعَ بالنجومِ بلا قمَرْ !
و الجسمُ طول السبقِ يذوي
- من ترابٍ قُدَّ هذا الجسمُ، ليس من الحجَرْ! -
(لو كان يدري ما المحاورةُ اشتكى)
لكنّه يدري العذابَ، و قلبَ منصورٍ بكى

* * *

(4)

جاءَ الخبرْ
إعصارُ هذا البحر منقولٌ لنا
ترويعنا من قبل إغراق السفينةْ
ذاك الهدفْ
قرصان هذا الليل منصور بنا
و كأننا نقضي عليه بأنْ نُعينَهْ !
أو مثلما
تنوي القضاء على العذاب فتنتحرْ!
في ليلها، الأنجمُ من دون القمَرْ!

* * *
(5)

جاء الختامْ
تتحدثُ الناسُ المحيطةُ عن بطلْ
أنت البطل
الناسُ تهتُف باسْمِكا
- لا يشهدون الضعفَ يهْزمُ مَلِكا -
هوتِ المقاومةُ الحصينةْ
و تدلّت الدمعاتُ تهطلُ من عيونْ
كانت بها – دهراً – سجينةْ
و انهرتَ تحت الرايةِ البيضاءِ تعلنُ عن
قضاء الواجباتِ، و بدء آلامٍ لعينةْ
قُضِيَ السباقُ.. و أنت مسكينٌ صبَرْ
أين القمَرْ؟!
أوَلمْ يَعِدْكَ بأنْ يشاركك الثمَرْ؟!
هذي الثمارُ تطل من فوق الشجرْ
فلماذا ليس مشاركا؟

* * *

(6)

(قالوا: انتظرْ
لم تبقَ إلا بضع ساعاتٍ و يأتي)
صبحٌ تلا صبحاً، و لم يأتِ القمرْ
و تطوف بالأوصافِ تنشرها
لعلّ الناس تأتي بالخبَرْ
فلماذا لا يتفقَّدون مغيبَه؟
ألِعِلمِهم؟
أم لا يدورُ بفكرِهِم
حجمُ الخطرْ ؟
عجباً، كأنّ اليأس ضلَّ طريقَه
أم هل تراه الصبر بالصدرِ استقر ؟؟

* * *

(7)

جاء الخبَرْ
تتهيأ الأسماعُ لاستقبالِهِ :
(قُتِلَ القمَرْ )

* * *


May 20, 2007

بطولة

الرصيف المقابل يلمعُ في غواية..
ترى كم ينفق من الوقت و الجهد كي يصل إليه؟

* * *

( هو لم يمت بطلاً ، و لكن مات كالفرسان بحثاً عن بطولة...
لم يلقَ في طول الطريق سوى اللصوص
حتى الذين ينددون كما الضمائر باللصوص
فرسان هذا العصر هم بعض اللصوص!)

* * *

تقدَّم خطوة...
ممسكاً بيدها النحيفة، و مستنداً إليها باليد الأخرى..
تقبضُ على كفه، كأنه عكازها الذي يعينها على السير بعد أن خذلتها قدماها، و بعد أن خذلها ما ادخرته من مال..
تبذل الكثير من الجهد لكي تتأكد أن هذه ابتسامة شقت لها طريقاً في منحنيات وجهه، و أخاديد تجاعيده المتعرجة..
يقول:
- هيا.. كدنا أن نعبر
تبتسم بدوْرها:
- مازلنا في الخطوة الأولى يا رجل!
يدير عينيه يميناً..
السيارات لا تنتهي..

* * *

( غصنُ صفصافٍ هزيلْ
أي عكازٍ و في الدربِ ملايين الحُفرْ؟! )

* * *

تهم بالعبور..
" مهلاً"
يزيد من قوة ضغط أصابعه المتدثرة براحتها، فيوقفها لحين هدوء هدير السيارات المارقة أمامهما..
تتوقف بجانبه في يأس..
- لا أمل..
غمغمت قانطة..
- لا تقنطي, هيا..
اتخذ قراره الحاسم
لن يتردد..
يبدأ حركته البطيئة، ساحبا معه يدها، ثم جسدها كله من ورائه..
- ماذا تفعل؟ هل جننت؟!
تصيح بكل ذعرها..
و قد بدت السيارات كوحوش تتحيَّن فرصة الانقضاض عليهما، لترديهما قتيليْن..
هادئ النفسِ، يقول:
- لا تجزعي.. إن الدنيا مازالت بخير
انظري..
أشار بطرفه، فنظرَتْ..
لقد أوقفا الشارع بحركتهما الوئيدة..
أبصرَتْ سائقِين متذمرين..
يكاد السبابُ ينفلت من الأفواه، و قد استبدل به بعضُهم حوقلةً، و دعاء بإطالة الروح..

عبرَتْ معه، و القلق يقفز من قلبها، ليطل راقصاً على شفتيها:
- سيدهسوننا.. سيفتتون عظامنا..
يضحك:
- ماذا تظنين الناس؟! وحوشاً؟ ألن يرقوا لحال شيخين مثلينا، فينتظرونا قليلاً؟!

* * *

(مسكينٌ أنت، فلا تملك إيزيس لتجمع أشلاءك)

* * *

كادت عربة أن تنطلق غير عابئة ، لتجتاز السيارة التي أمامها، لولا أن أشار سائق السيارة بيده صائحاً:
- انتظرْ يا رجل، سيعبران.
ابتسمت العجوز..
بدت لها السيارات كملائكة، مصطفة في انتظار عبورها، تشيّعها بالورود و الدعوات..
هتفت:
- يبدو أنك عل حق..
مازالت الدنيا بخير..
الناس يرقون لنا، و يصبرون على عبورنا، و يكبحون جماح من لا ييسِّر لنا من أمرنا عسراً..

* * *

(الآن سنرجو الصمتْ
فهنالك بشرٌ يستقبل عتبات الموتْ)

* * *

تبقَّت خطوتان..
كادا أن يصلا..
انشقت صفوف الملائكة عن ملك الموت..
سيارة لم يلمحها أحد، اندفعت كالصاروخ، لتطيح بالرجل في الهواء بكل قسوة..
يتجمع المارة حول العجوز التي تفترش الأرض، و تنوح على زوجٍ قضى:
- كان من رجال الجيش..
كان مستعداً للتضحية بحياته في سبيل الآخرين..
لكنه راح ضحية عبور شارع.

* * *



May 10, 2007

سقوط مسمار البيت

(1)

- يُعجِزُني الضَّعفْ
و هْو عدوّي.. يستأثر بالميزاتِ و بالكلماتِ
فيسلبني الحَرفْ
- دَعْ عنك العجزْ
أنت الأقوى، فارفعْ صوتَك بالوصفْ
قل: كافرْ
قل: صبأَ الفاجرْ
و احتل بألسنة الأفعى آذانَ القومْ
و اذرفْ من دمعِ المظلومِ، و أَقْسِمْ بالكَرْمْ
و لتنْجَحْ ضرباتُ القصفْ!

..................

(2)

ظلموا حلاج القطنْ
قالوا: (قد كان حديثُ الحلاجِ عن الفقرِ قناعا
يخفي كفرَه.)
ما كان الحلاج بكافرْ
بل ناهٍ عن ظلم الظالمِ و الوالي الفاجرِ و الجُبنْ
رفض المَنْجَى بخراسان
و اختار الإيمانْ
شنقوه بكلماتٍ منهْ
صلبوه على جذعِ النخلةِ، حين تلا الآياتِ:
" و هُزِّي.."
رجموه بنَوَياتِ التمرْ
(فامضوا قولوا للعامةْ)
مات الحلاج شهيداً
مات وحيداً، يشكو – من ألمِ الجوع – نواحَ البطنْ
مات بقلبٍ صدِّيقٍ، و بثوبٍ خشنْ

..............

(3)

اقتحموا بيتي
نزعوا الأقفالَ عن الأبوابِ، و قد صهروا
مزلاج الأمنْ
(يا رب اشهدْ
هذا ثوبُك ، و شعار عبوديتنا لكْ)
قد نزعوا الثوبَ، و قد جذبوا أغطية الرأسْ
و تذوب الأجسادُ حياءً
فعل الأزواجِ بلا عُرسْ
قمتُ لكي أصرخْ:
- ما جلبكْ ؟
أستنجدُ برعاة النَّفسْ
لم يُسمَعْ صوتي
بيتي؟
يسكنه أمناءُ الرجسْ
(ها أنت تزلزلني في داري
و السوقُ يزلزلني كي أترك داري)
فألملمُ شَعري، و ألمّ المتساقط من لحم الوجهْ
و أقوم بجسدي
أدفنه بالطينِ لكي أغسل عاري
يا ضيْعة ثوب العفّةِ و الطُهرْ!

.................

(4)

- ما دينُكَ؟
- مُسلمْ
- (فلنأخذه للسجنْ... هيا يا كافرْ)
- لله الواحدِ أسلمتْ
- بل قمتَ بتفجير البرجْ
روَّعتَ السكّانَ بسيفِكَ، أشعلتَ النيرانَ، قتلتْ
- (مثلي لا يحملُ سيفا)
- تعرف ما الخوفْ؟
- الخوفُ من الله تعالى
الخوفُ من الذنبْ
الخوفُ من العين بأن تفشلَ في غضِّ الطَّرْفْ
الخوفُ من النفس الأمارة بالسو..
- الخوفُ من الموت؟؟!
- إنّ تشبث أمثالك بالدنيا يعميك عن
استيعابِ تلقي أيّ منا للموتِ بصدرٍ عارٍ
و بقوةِ قلبْ
و بكفٍّ غلّظها الضربْ
سنودّع دنياكم، و نخلّفكم فيها دِيَكةْ
تتصارعُ من أجل الفرخة و البيْض
من أجل الحَبْ
من أجل الماء، و من أجل الفسحة فوقَ
سطوحِ البيتْ!
- فليُقتلْ.. فليقذفْ بالسجنْ
- مثلُك لا يعرفُ معنى الترحيب بشيءٍ كالموتْ
- فليُحرَقْ.. فليُجلَدْ بالسوطْ
يا لك من فاجرْ!
لأزيلنّك من فوق الأرضْ
- مثلك لا يعرف إلا رحلات الصيفْ
مثلك تبهره الأموالُ، و لمعانُ الزيفْ
- و بتلك الأموال سأجعلكم ترجون الموتْ
ذُقْ يا ابنَ الكلبْ!
( و المسجونون المصفودون يسوقهمو
شرطيٌّ مذهوبُ اللبْ)

* * *
- أنهيتم عملَ اليومْ؟
- قمنا بالواجبِ.. أكرَمْنا الضيفْ!
.....................

(5)

- قل لي: ما ضرُّ اللحيةِ؟ ما جُرمُ الزيّ؟
- الجُرمُ، حُسيْنُ، يكون بأفعال الغي
(هل تسألني من ذا صنعَ القيدَ الملعون، و أنبتَ
سَوْطاً في كف الشرطي؟)
ويلك من زيِّ المسلمِ، و لسان العربيّ
- (قل لي يا شبلي)
أيصدّق أصحابي ما نُسِبَ إليّ؟
أَوَيهتُف كل الناس برأسي؟
عجبا، ما لاقوا مني حتى ألقى منهم هذا الردْ؟
- يا ابنَ المنصورْ
ما لاقوا منكَ، و لكنْ لاقوا من غيرِكْ
- تعني عملات النقدْ ؟
- هذا ما أعني، و البعض يسيرُ بخطوات الكل
- حقاً، و لتعملْ فيهم أسلحة الجندْ
- أخشى أن تعمل فيك سيوفُ الحقدْ
قل لي: هل تعلم تخطيطاً يحملك بعيدا
عن عين الظل؟!
- لا أبغي البُعدْ
(بل أبغي لو مدَّ المسلمُ للمسلمِ كف الرحمة و الودْ)
- يا بُغيةَ صدقْ!
لكنْ ما كل البُغيات ، صديقي، يبلغها الفردْ
بعض البغياتِ تُرَدْ
و البغيُ يُمَدَّدُ، و يُمَدّْ!

.................

(6)

مَنْ كان طريداً فليُسرعْ بالظعنْ
من كان غنياً، فليرتعْ بالألعابِ ، و بالنكتةِ، و بحلِّ اللغزْ:
( ما أجدي ما يطعنُ مَنْ طعنَ عن الطعنْ!! )
منْ كان فقيراً فليقنَعْ باللعن!
و ليُرجَأ ثأرُك حتى يأتيَ يومْ
تبصرُ جبلا منفوشاً كالعِهنْ
و تذوق الضأنْ!
(أعلمُ.. أعلمُ.. أعلمُ..)
هم – للأسفِ – يديرون الشأنْ
هم مرضى البترولِ، و مصّاصو آبار النفطْ
هم بعض دواعي السخطْ
لكنْ، ليس لهم جناتُ العَدنْ

................

(7)

- أأصابك من شيطانكَ مسْ؟
أتبيع حياتك، و بثمنٍ بخسْ؟
- قمنا بطلاء أظافر وجهَ الشمسْ
و صنعنا عطرَ القمر بما استخلصنا من أزهار الكونْ
و ثقوباً سوداء رَدَمْنا، كي لا تبتلعَ الأمسْ
و ضربنا الجَرْس
أيقظنا النجمَ النائمَ في ركن الليلْ
ثم أدانتنا أقوالُ القَسْ
و أخيراً حاكَمَنا العالَمُ بالحبسْ
مَنْ لا يعلم سار وراء العلم الجاهلِ
فأدان الدينَ و لونَ البشرةِ و الجنسْ
(قالوا: صيحوا زنديقٌ كافرْ
صحنا: زنديقٌ كافرْ)
و بهذا كنا أُفْهِمنا الدرسْ
و علمنا أنَّ قوانين فضاء السَّرْمدِ تسري بالعكسْ!

...............

(8)

(يا شيخْ.. قل لي: من أنتْ؟
أنت الشيطان؟
بل أنت ملاكٌ .. جبريلْ
بل أنت وليٌ من أهل الله.. من أنت؟
من أنتْ؟)
أنا رجلٌ ظمآنُ، أذاقوني الخمرَ مبللةً بلُعابِ الموتْ
يا ويلي، قد ذقتُ الكأسْ!
حُرّاً، أهمسُ في نفسي:
- "سأغادر بلدي..
سأغادر هذا الكون بأسرهْ."
عجباً، ما الحريةُ في الهمسْ؟!
سأبيع حياتي
بالثمن البخسْ
سأبيع حياتي
و الحظَّ النحسْ!
..............
(9)

ها أنا قد عدتْ
لا تسألني فيمَ عودتيَ الآن، و قد كنتُ أبَيْتْ
لا تسألنِ عن العدلِ أو العونْ
بل سَلني – إن شئتَ – عن الظلمةِ بالكونْ

أبْصِرُ مَزْقَ ثيابٍ ، خِرَقاً باليةً كانت
في يومٍ أستاراً
تحجبُ نافذةَ البنتْ
مسمارٌ سكنَ الباب سنيناً
كمُعينٍ في حفظِ الأمنْ
هاهو يتمدّدُ مقتولاً
قدَّام الآثار المرئيةِ حين رأيتْ:
آثارِ البيتْ!

بالإسدالِ المتهتِّكِ.. صلَّيتْ
من أجل التوبةِ، و بكيتْ
هلا قمتَ معي
و رفعتَ إلى الله الكفَّ عليّاً
و دعوتْ؟؟!

Apr 9, 2007

هموت م الخوف

هموت م الخوف
و شلت الحمل أهو لوحدي
و نفسي أطوف
أموت م الرعب، أصل الأمر ما يسلمْ
إيديهم تيجي ف الآخر
تشيل ولدي
و أمه تقول لي: "من فضلك
عشاننا، مش عشان غيرنا
عشان خاطري
ده لينا، اعمل – يا شيخْ - معروف."

* * *

قولوا لي ازاي أنا أسكتْ؟
قولوا لي ازاي أبيع ابني؟
طب أعمل ايه؟ أنا شايف
و غيري يشوفْ
أسيب ازاي كده حقي؟
ماهوش فارقْ
أخويا امبارح اتضايق
و قال كلمة
خدوه، قال هدّد الدولهْ
و ساب ولدينْ
و بنت جميلة، من يومها
تخطّ إيديها أحلى حروفْ
و مسكينهْ
مراته، ازاي طب أقنعها
تاخد مصروف؟!
و مين عارف؟
ما يمكن كنا نتّاخدْ
بدل غيرنا
عشان قلنا
و الباقي أكيد معروف..

* * *

في عز الفقر و الحاجة
هنشحت لقمة، أو بسمة
و نشحت صوفْ
في عز البرد نتجمّعْ
و نتدفّى
بنار الغيظْ
و ضحك الفرحة، ليه مخفي؟
تشوف ف عينيها نور مطفي
و لون مخطوفْ
قتلتوا النور؟!
طب ازاي أنت راح تمشي؟
منين هتشوف؟
ده نورك.. نوري.. آه، نورنا
و لمّا نقوم كده ندافع
عن الشمعةْ
دي آخر شمعة سبتوها
و ضعفانةْ
كمان تشوونا بشقانا؟
بدون رحمةْ
بدون وازعْ ؟
و آه يا قلبي، مين غيري
عليك ملهوف؟
و مين غيركْ
يشيل أحمالك الصعبة؟
دي تستاهل يشيلها ألوفْ
و جه سائح
يومين بيطوف
رجع بلده
و يحلف ميت يمين إنه
ما شافش الدنيا غير سائح
شاف العشق اللي ف قلوبنا
لأرض تملَّي تعبانا
و قاهرانا
ده غير مألوف
لكنا نقول له: يا ضيفنا
بتاعتنا!
و مهما هتعمله فينا
نسامحها
هنصْلِحْها
و من قبلك بهرنا ضيوف
و بص و شوف!

* * *

فاكر (خالدْ) ؟
في عز الظلم جاب بصلهْ
و قال: دي خروف!
كان القائدْ
يقول الكلمة، و ف لحظةْ
تلاقينا وقفنا صفوف
و يوم ما اختفى من بيننا
لشيء غامض
- ماهوش غامضْ –
سألته بلهفة: مش خايف؟
ماردش، بس أنا سمعته
يقول لي بعينه: آه.. خايفْ
مانيش حلّوف!!

و ودّعنا بضحكة مش على عادته
بضحكة خوفْ

* * *

واحشني بجد يا (خالد)
ياريت أعرف أوصلّك
مدى حبي
يا ريتني معاك
ف مشوارك
طريق واعر
طريق مرصوفْ
واحشني حضنك الدافي
واحشني كلامك الجامدْ
" ظروفنا الصعبة دي بتعمل
رجال منا
دي أحلى ظروف! "
و كانت نظرتك بسمةْ
و صوتك كان دوا موصوفْ
أنا غيرك
عاجز، راقدْ
هتلحقني؟؟
أبوس إيدَك
تجيلي قوام، أو أنا أجيلكْ
و تلحقني
أنا خايف أحب الخوف
أنا مكسوف!

Mar 16, 2007

لماذا يعجز الآن؟


كنتُ أداعبها كالمعتاد..
تضحك ملءَ فيها..
تشير إليّ كي أحملها إلى أقصى ارتفاع تسمح به ذراعاي، ثم تحوطني بساعديها الغضين في امتنان بريء..
يومها، دوّتْ صرختها مفزعة، بدلاً من صفير ضحكها المعهود..
و انهارت يداي بها على الفراش..
ماذا بكِ يا صغيرتي؟ لمَ الصراخ؟
هل أفزعتُكِ دون قصد؟
لم أجد مبرراً واضحاً لهذا الكم من الألم و الذعر المرتسم على وجهها الأبيض الناعم..
لم تفلحْ ضماتي الحميمة لها، لم يُسكتْها دفء صدري..
أرفعها و أضعها، ولا فائدة..
أخيراً، غلبها النومُ على بطني..
لكنني، حين تأملتُ وجهها الناعسَ، ارتجَفَتْ أوصالي برعب بلا حدود..
طفلتي تعاني شيئاً ما..
شيءٌ مخيف..

* * *

هذا الوجه الجميل يحمل ملامح العذاب..
يبدو هذا في تقلص عضلاته، و انعقاد حاجبيه الهزيليْن، و غياب لونه النضر..
هكذا قال لي والدها..
لم تشتكِ البنتُ هذا اليوم..
لم تصرخْ..
لم تبكِ..
لكنها أيضاً لم تضحك..
لم أسمع نداءها لي كي أحضر لها ما تشتهي من الألعاب و صنوف الطعام..
أتذكر يوم أرهقتني وسائل إيقافها عن اللعب و الصراخ، حين اجتمَعَتْ مع أطفال العائلة..
يا لغبائي!
أيزعجني صوتها؟!
أأطالبها بالسكوت؟!
هاهي قد سكتت، فماذا جنيتُ؟
أبيع إحدى عيني اليوم لمَنْ يستخرج منها بسمة..
قررتُ أن أمنحها حماماً دافئاً..
أكان قراراً صائباً؟
لست أدري..
لكن انسكاب الماء الدافئ على جسدي، طالما أنعشني، و أزال كل همّ و ضيقٍ في نفسي..
فلا شك أن تأثيره مماثلٌ عليها..
حملتها إلى هناك..
وجدتُ استمتاعها بالماء نوعاً..
ربما كنتُ محقة..
إنها لم تكن تريد التخلي عن حوض المياه..
جففتُ جسدها الطري المصقول، و أرقدتها فوق الفراش، ريثما أحضر ملابسها الصغيرة ذات الألوان الزاهية..
كانت مستلقية على ظهرها، تعبث بأسنان المشط، و تركل المنشفة بقدميها في صمت، حين تعالى صراخُها بغتة..
التفَتُّ إليها بسرعة، و قلبي ينبض في عنف..
كانت تتلوى بشكل مخيف..
يا إلهي!
أي آلام رهيبة تحس بها هذه الصغيرة؟
اقتربتُ منها، فإذ بي أجد شيئا غريباً لا أدري كنهه..
و لا حتى حين لمسته أدركتُ..
هو يشبه الخيط..
أو رباط دقيق من القماش المخطط..
و كان يخرج من جسدها..
نعم، كان ينبعثُ من جدار بطنها في مستوى السرّة تقريباً..
لم يكن يمتد خارجاً لأكثر من سنتيمتر واحد..
إلا أنه بدا لي لحظتها كثعبان ضخم، يسبب كل آلامها..
و حين لمِسَتهُ يدي، أدركتُ أنني أثرتُ انتباهها لوجوده، فلمِسَتهُ بدوْرها، و لكن هيهات..
فلمستي كانت حذرة.. خائفة.. حريصة..
بينما لمستها كانت مندفعة.. هائجة.. غير واعية..
فأمسَكَتْ بالخيط، ثم جذبَتْه دفعة واحدة..
و انتفض قلبي في لوعة..
كانت أذناي قد تهيأتا لسماع أسوأ صرخة ألم من فم ابنتي على الإطلاق..
إلا أنها لم تنطلق..
بل حدث أمر عجيب..
عجيب للغاية..
لقد ضحكَتْ..
و بشدة..
لقد اختفى الخيط مع جذبتها، و ترك أثرَه أليافاً دقيقة شفافة، لها ملمس لزج..
و اختفت معه الآلام و الصرخات أيضاً..
فرحَتْ طفلتي بلعبتها الجديدة..
و خفتت لوعتي قليلاً..
إلا أن قلقي تضاعف ألف مرة..
فأنا لم أفهم ما حدث.. و لا ما الذي يعنيه هذا؟
لكن سرعان ما توارت الأسئلة خلف نجاة صغيرتي المؤقتة، و احتجب القلق بستار من فرح بيِّن..
فاحتويتها سريعاً، و قبَّلتُها كثيراً، ثمّ ألبستها أجمل ما لها من ثياب..
و نسيتُ الأمر تدريجيا..
حتى كان ذلك الصباح..

* * *

حين صرَخَتْ هذه المرة، أسرعتُ بالكشف عن جسدها لعل حدسي يصدق..
و بالفعل قد صدق..
لم تحاول هي هذه المرة جذبَ الخيط، و لكني حاولتُ..
فعلتُ كما فعلَتْ هي تماماً، إلا أن النتيجة لم تكن واحدة..
لم يحدث شيء..
بل ربما ازدادت آلامها..
و هنا، تجمّدتْ يداي في الهواء، و ثبتَ بصري عليها في ذهول..
ما هذا الذي يحدث؟
ما بك يا صغيرتي؟
أخذتُ أحدِّث بها نفسي، و أنا أحملها و أضعها و لا فائدة..
صراخك يمزّق نياط قلبي.. أفلا تعلمين؟
ألا تصمتين أبداً؟
تتلوّى كالدودة في حضني..
تضرب الهواء بذراعيها الضعيفين..
تشتد مقاومتها لي..
أضعها على الفراش..
أبكي من هول مشهدها..
تقطع الفراشَ كله التواءً و رفساً و تقلباً..
رباه!
ماذا تواجه بالضبط؟
ارحمها يا إلهي..
أجري إلى الهاتف..
أطلب والدها في العمل..
أدركني يا رجل..
لمَ تختفي كلما احتجتُ إليك؟!
أحضرْ معك طبيباً..
بل اثنين.. بل عشراً..
الكل فداؤك، حبيبتي..

* * *

جاء الطبيبُ..
و الثاني.. و الثالث..
شاهدتُ الطب عاجزاً لأول مرة في حياتي..
أجئت تعجز الآن؟
فأين إنجازاتك؟ أين تقنياتك الحديثة، و أجهزتك المتطورة؟
أين العلم الغزير الذي لا سقف له؟
أين التقدم الذي لا يعرف حدوداً؟
لِمَ تعلنون الفشلَ أمام ابنتي؟
لمَ تلوون الشفاه، و تقلبون الأيدي عندها؟!
ما أثار حنقي، هو أنني لم أرَ الطب عاجزاً فقط..
بل رأيت في عينيه لهفة و فضولا..
فضول يلتهم ابنتي، و لهفة تنمو و تسعى لدراسة حالتها..

استسلمتُ في بادئ الأمر..
أخذوها..
هم المتخصصون في النهاية، و الكلمة لهم..
سألني أحدهم:
- كم تبلغ من العمر؟
- عامان إلا قليلاً.
- هذا الذي يبدو كالخيط.. إنما هو كائن حي.. يحيا على أمعاء ابنتك على الأرجح.. لست أدري ما يتعلق بتركيبه بعد، لكنني سأصل إليه حتماً..
قال الآخر:
- إنه يفرز من داخله مادة ما، تذيب بعضا من ألياف عضلات جدار البطن الأمامي، فيخترقها بسهولة حتى يطل خارجاً منها.. لكنني لا أعرف إلام يسعى بالضبط..
- لقد أخذنا منه عينات عديدة، و يجري الآن فحصها بكل الطرق و الوسائل المتاحة.. سنعرف الحل بإذن الله..
- قد يكون عاقلا.. يبحث عن شيء ما خارج البيئة التي نما فيها.. شيء يفتقده داخلها..
- نوع من الديدان الشريطية ربما.. فصيلة جديدة لا يعرف العلم عنها شيئاً بعد..
- ألا تبدو لك ضخمة الحجم للغاية؟
- ليست دودة.. بل خلايا سرطانية..

و كثيراً من أمثال هذه التفصيلات العلمية الدقيقة التي لم أفهم منها شيئاً..
كل ما أدركته أن هذا الشيء – كائنا ما كان – يسعى لبقائه..
و بقاؤه في موت ابنتي..
قلتُ لوالدها:
- هؤلاء الأطباء لا يفعلون شيئاً لصغيرتنا.. إنهم لا يكفون عن البحث و إجراء التجارب و كتابة التقارير.. لا أجد لجهدهم نفعا.. آلامها لا تهدأ..
- يبذلون قصارى جهدهم.. فماذا تبغين؟
- أبغي الخلاص لابنتي.. ما أراهم يتحركون إلا بدافع من فضولهم العلمي لحالة لم يجدوا لها مثيلاً من قبل، و لم تسجل مراجعهم كلمة واحدة عنها، و يتخذون ابنتي فأراً جديداً لتجاربهم.. ربما يتخيل كل منهم بلوغ شهرته صاعداً فوق أحشاء ابنتي.. لا.. لن أرضى لها بهذا..
- فماذا أنت فاعلة؟
- سآخذها بين أحضاني.. إن كانت الآلام واحدة، فهي هنا في مأمن بين أمها و أبيها، تطمئن عيناها لرؤيتنا، و تطبق جفونها في راحة كلما فترت آلامها..

لم يقتنع بما قلتُ..
هتر بكلام كثير عن العلم و فائدته، و عن حمقي و جهلي واندفاع عاطفتي، لكنني أجزم بأنْ ليس هذا بالسبب..
لقد سافر الرجل و تركني..
لم يحتمل رؤية آلام ابنته..
فضَّل ألا يراها أبداً، على رؤيتها في عذاب..
لهذا كان يريدها بين أيدي الأطباء..

* * *

صغيرتي المسكينة تتلوى في ثوبي..
حملتها معي إلى المسجد..
أسكنتها في حجر إمامه..
نظر إليها في رثاء و شفقة..
دعا لها، ثم لم يحتمل ضربات أطرفها، فأعادها إليّ..

ارتفع الصراخ..
بدأتُ أفقد صوابي..
صرختُ بدوري:
- مَنْ الذي فعل بطفلتي هذا؟ مَنْ؟
أجابني صوت الإمام خافتاً عميقاً:
- هم..
توقفتُ عن الصراخ بغتة.. التفتُّ إليه، واصل:
- هم زرعوه داخلها..
- ماذا قلتَ؟ من هم؟
لم يجبني..
انشغل عني بأداء الصلاة، فقمتُ حاملة الصغيرة، تجرُّني قدماي إلى حيث راحتها، أو راحتي..

* * *

عاد والدها من السفر، يتلقى العزاء فيها..
ظننتُ أنه لن يعود أبداً..
يروح الناس و يجيئون علينا، حتى إذا أوغل الليل في مضيه قليلاً، اختفى الجميع..
و حل السكون المشوب برائحة الموت علينا..
يرى دموعي الصامتة، فيضع يده على كتفي، و يهتك ستر الصمت بقوله:
- لا تحزني.. سيعوضنا الله خيراً منها..
أبتسمُ في مرارة:
- أنت تعلم أنني استأصلت الرحم..
يصمت..
قالت عيناه لي:
- أنا أقدّر حالتك..
تمتمتُ في خفوت:
- لقد أرحتُها يا رجل.. أنقذتها من العذاب..
التقطت أذناه همستي الضعيفة، ثم التقطها عقله، ليصرخ بغتة:
- كيف فعلتِ هذا؟ كيف؟
يهزني من كتفيّ في عنف، ثم يدعهما فجأة ليوليني ظهره صائحاً:
- هل حقاً قتلتِ ابنتي؟
أجبته بدموع متحجرة في مقلتيّ:
- أليس يسمونه القتل الرحيم؟
- لكنه حرام..
- ؟؟
- ألم يحرِّم الله قتل النفس؟!
- إلا بالحق..
- و هل هذا حق؟
- و هل تألمها حق؟ ألا تُحلّ آلامها حراماً؟!
قال في تخاذل:
- كانت ستموت في كل الأحوال..
قلتُ في اندفاع:
- نعم.. و لكن قل لي إنها ماتت دفعة واحدة.. قل لي إن سيارة صدمتها فرحلت.. قل لي إن قلبها قرر التوقف عن العمل فجأة..
تتلاحق أنفاسي، أجهش بالبكاء:
- و لكن لا تقل لي سأقتلها لك في اليوم ألف مرة.. لا تقل لي سترين الديدان تلتهم أحشاءها كل يوم بلا توقف.. لا تقل لي سأسحب روحها من جسدها قطرة قطرة، فأعذبها حيث أشاء.. لا تقل لي هذا.. لا تقل هذا..
- أنا لم أقل شيئاً.. الله قال..
يجلس في مواجهتي..
- هو أراد.. و علينا تنفيذ حكمه..
- أتريد أن تقتلني كما قتلتُ نفساً بالأمس؟
- بل أريد الإصلاح ما استطعتُ..
- صدقني.. كنت أتألم معها.. أموت معها كل يوم.. كان لابد أن أقتل أحدنا.. لكنني آثرتها على نفسي..
- لقد جئتِ شيئاً نُكراً..
- لقد رحمتها يا رجل.. رحمتها، فقتلتها..
- سأرفع أمرك إلى الوالي..
التمعت عيناي ببريق مفاجئ..
الوالي؟ أي والٍ؟
أفي عصر الولاة نحن؟!
اختفى من أمامي؛ ليصل إلى واليه المزعوم..
فأعادته صرختي العالية..
يا لها من آلام بشعة تجتاحني..
كشفتُ عن جدار بطني الأمامي، فإذا به يرقص أمامي!
ذلك الخيط اللعين..
بدا لي كلسان يتدلى في شماتة من حلقٍ نتن الرائحة، تنقصه عينان ظافرتان، و قلب حاقد..

غمغم والد طفلتي الراحلة في دهشة و ذهول عارميْن:
- رباه.. لقد زرعوه داخلك أنتِ أيضاً..

لكنه رفضَ أن يبدلني بدود البطن، دودَ القبر..
سافر..
تركني ممددة على الأرض، دون أن يحضر لي طبيباً..
هل كانت ابنتي أغلى عنده مني؟!

Feb 6, 2007

مصطفى


وحيداً كنتُ في بيتي
شقيقي الأكبرُ الغالي
تزوّج من عشيرتنا، كما أختي
و نمتُ مُضاجعاً صمتي

* * *
حينما كنَّا صغارا
لم يكن لنا الوفاقُ عارا!
كنا نعيثُ في الأرضِ الفسادا
والدي كان جوادا
يجودُ بالسوْطِ على ظهورنا، يمزِّقُ الأجسادا
ننامُ دامعِين، ثمّ ننتشِي نهارا
ألم تكنْ لنا الدموعُ عارا؟!
و الصمتُ كان عارا
لِمَ السكونُ؟ هل سيهوي بيتُنا
(إذا رفعنا صوتَنا جهارا) ؟
كان النهارُ عندنا صراخا
و الليلُ ما كان سُباتا
و هل تظنّ الأرضَ حينها مهادا؟!
ألعابُنا تزلْزِلُ الجبالا
نوزِّع الأدوارَ، هذا سارقٌ..
و تلك مَجنيٌّ عليها، مثل ذا..
كبيرناُ ينالُ دَوْرَ ضابطْ
كنا وبالا!
نكَسِّرُ المقاعدَ.. الدُّمَى.. أكوابَ الشرابِ.. ساعاتِ الحوائطْ
و نسرقُ الطعامَ و الشرائطْ!
ننيرُ أعواد الثقابِ.. نحْرِقُ الأثاثَ.. أمنُا تصيحُ
بينما أبونا ساخطْ!
كنَّا ضرارا
و حين تُجْتَلى جريمةُ الصغارِ.. كلُّنا مُرابِطْ
حتّى و إنْ أجْرَمَ واحدْ
لا فرقَ بين مُجرمٍ و بيْنَ شاهدْ
فالدمعُ منا ساقطْ
* * *

صرنا كبارا
ودَّعنا الطفولةَ المُعارَهْ
صرنا نلتقِي عيداً فعيدا
أمساً قد التقينا
- أولُ الأعيادِ نلتقي بعيدا -
روائحُ الدواءِ.. قفَّازُ الطبيبِ.. غرفةُ المريضهْ
ثيابُهم خضراءُ.. أصواتُ النحيبِ.. آلامٌ شديدهْ
صرخةُ المخاضِ حينها: " أنْ لا أريدَهْ !"
وَضَعَتْ أختي وليدا!
محاقنُ الغذاءِ.. أكياسُ الدماءِ.. أنفاسٌ جديدهْ
أفزعْتِ يا أخت الرجالا!
كمْ كنا عيالا
و اليومَ صرتُ خالا ؟

* * *
في يومنا، يصيرُ كلُّ شيءٍ بثَمَنْ
الموتُ ، و الحياةُ، و الأفراحُ، و الحَزَنْ
و الفَرْحُ جاءنا بالأمسِ، و سَكَنْ
لم ندفعْ فيهِ مالا!
لأنني بالأمسِ صرتُ خالا
أذَّنَ مُؤَذِّنٌ لهُ
قلتُ: سمّوهُ (بلالا)..
لكنْ.. سمَّوْه (مُصطفَى)
الفَرْحُ حلَّ عندنا
لكنه اكتفى!

* * *
(قلتُ لكم مرارا)
البيتُ كان دارا!
و حين تختفي مشاهدُ الرفاقِ.. تستحيلُ صورةً بالرَّدْهةِ التي
أمام حجرتي
ما عاد البيتُ دارا

* * *

سواعدُ الزمانِ تحوي (مصطفى)
تلقيهِ فوق فخذيا
ترميهِ ثَمَّ عاليا
يُرَدُّ في ذراعيا
إذا سألته أجابَ، إن شتمْته نفَى!

لله دَرّ (مصطفى)
أعادني السنين للوراءِ، بانَ لي
ما قد ظننتُه اختفى
تشقَّقتْ قلوبُنا تثّلُما
أعيادُنا سَهَتْ عن بعضِ وقتها، فنال بيتَنا الظما
ثمّ جئتَ فارتوَى
جَمَعْتَنا - يا طفلُ - من بعدِ النَّوَى
* * *

Feb 4, 2007

للطفولة وجوه كثيرة


اليومُ عيدْ!
اليوم حلَّ ببيتنا طفلٌ جديدْ!
أنا لي شقيقْ
وافرحتاه..
و إذا سُئلتُ الآن: "كم أخٌ لديكَ؟ " فلن
أقولَ : " أنا وحيدْ ! "..
أنا لي شقيقْ!
أرعاه منذ تفتَّحتْ أزهارهُ..
و أقوده عبر الطريقْ..

* * *
أخي عنيدْ !
كم قلتُ: لا تعبثْ بما للآخرينْ..
ما ليس لكْ
لا تلعبَنَّ مكائدَكْ
فيصير ملكَك بعد حينْ
هذي الدُّمى
ليست أماكنُها هنا..
تلك المدافعُ عندنا
من أين جئتَ بكل ذا؟!
فيجيبُني – وهو الذي تتعثرُ الكلماتُ منهُ على الشفاه –:
- من صاغرينْ!
يا لَلعنيدْ !
أفَلنْ يُعيدَ – لمرَّةٍ – ما لا يريدْ ؟!

* * *
أخي يصوغُ له القواعدَ.. للتملُّكِ الأكيدْ
يقولُ لي:
- الشيءُ ملكي طالما أعجَبَني
الشيءُ لي.. إن استقرَّ في يدي
الشيءُ لي إن استطعتُ سلبَهُ
مِنْكَ و صار في فمي!
الشيءُ لي..
إنْ كان لي قبلاً ، لكنْ زهدتُ فيه..
الشيءُ ملكي طالما أعجبني
ولن يبدو حتى – في أيّ لحظةٍ – أنْ ليس لي
أمّا إذا تشابهتْ أشياؤنا
فالكلُّ لي!
- تعَقّلِ !
- الشيءُ لي ،
إنْ كان فكري أن هذا الشيءَ لي!
الشيءُ لي
إن نمتَ أنتَ عنهُ، و استرقتُهُ..
ثمّ احتميتُ بأبي
بطولِ جسمِه، و عَرضِ مَنْكِبِهْ..
- بل هو لي!
- إن كان لكْ
لكنْ نجحتُ في أن أنْهَبَهْ
فأنا لأوْلَى منكَ بِهْ!
الشيءُ لي
إن قلتُ: هذا الشيء لي
- عدلاً أخي!
- الشيءُ لي إن قلتُ لي
- قسطاً أخي!
- الشيءُ لي
- .........
- يحقُّ لي!
- ........

* * *

لم أنمْ
منذ رضيتُ بالألمْ
في بيتِنا وحشٌ مقيمْ
غذاؤهُ... لطفُ أبي ،
تدليلُ أُمْ
في بيتنا قردٌ دميمْ
اسمُهُ؟ منحتُه شيئاً كمثلْ:
(موشي).. (حاييم)!

* * *

Jan 26, 2007

خطوات على الدرب

عجباً..
إنها ثاني مرة أرسل له فيها بخطاب ما، فأجده منشورا على صفحات عدده الرائع..
أي أن في كل مرة ، يُنظر إلى خطابي بعين الاعتبار، مما يدفعني للمزيد من الخطابات..
و يقودني للمزيد من السعادة..
إنه المبدع.. د/ نبيل فاروق...
كم أعشق هذا الرجل..
ليس لأنه استجاب لما أرسلتُ، أو اهتم بما كتبتُ..
و لكن من قبل ذلك بكثير..
و من قبل حتى أن أعلم كيف أخلق نصاً..
و لن أبالغ إذا قلت أنه أول – و ليس آخر – من علمني أن أبدع نصاً..

نظرت لما حدث بشيء من التدقيق و التحليل – كعادتي كلما حدث شيء – فوصلت للنقاط التالية:

- أولا.. خطابي هذه المرة كان للمناقشة و الحوار بصفة أساسية و العمل الأدبي كان مرفقاً به.. كشيء ثانوي أثق بشدة في احتمال إهماله..
- ثانيا.. لقد قال د. نبيل كثيراً.. أن الخطاب الذي يحوي الشيئين معاً (العمل الأدبي و الأسئلة) سيتم تجاهل أحدهما على حساب الآخر.. و لذلك ناشدنا – نحن القراء – على كتابة نوع الخطاب على المظروف الخارجي، و فصل الأمرين في خطابين منفصلين؛ لتسهيل عملية الفرز و التصنيف..
- ثالثا.. لقد فعلتُ ما طلب د. نبيل.. و كتبتُ على المظروف الخارجي ما يفيد بأنه للمناقشة و التعقيب و الأسئلة.. أي أنه أبعد ما يكون عن نشر الأعمال الأدبية و هذا ما أردتُه بالفعل..
- رابعا.. كون العمل يتم نشره بهذا الشكل، يعني أنه أكثر قيمة من أن يتم تجاهله ، و لو كان مرفقاً بخطاب..
- خامساً.. العمل كان قصيدة.. و د. نبيل لا ناقة له و لا جمل في مجال الشعر.. لا يعرف قواعده و لا يعلم أصوله أو كيفية نقده، و لذلك كان ينأى بنفسه عن المشاكل بعدم نشر الأعمال الشعرية ، لأنها ببساطة ( ليست مملكته).. و ليست ميوله و اهتماماته.. و إن كان حدث بعض الاستثناءات قديما في نشر القصائد، فلقد علق هو بقوله إنه لا يميل للشعر كثيرا، و لكن العمل جذبه بشدة، و اقتحم قلبه.. فرأى أن ينشره.. أي أن جاذبية العمل كانت أقوى من أية قاعدة مسبقة.. وضعها هو لنفسه.. فكسر القاعدة و هو كثيراً ما يكسر القواعد!
- سادساً.. قام بتجديد في شكل نشر الأعمال هذه المرة، فوضعها في صورة مجلة، و العمل المنشور افتتح به المجلة التي منحها اسم (مجلتنا) و هي محررة بأقلام القراء الأصدقاء بالكامل.. فليس من المعقول أن تضع افتتاحية أول عدد من مجلة وليدة بطريقة عشوائية! لابد أنك تنتقيه بصفة خاصة؛ لتعطي المجلة دفعة قوية في البداية، فتجذب القارئ معها و حتى النهاية.. خاصة عندما يكون الأمر يتعلق بهذا الرجل الذي عرفناه دوماً دقيقا، خبيراً، ماهرا، يقدِّر لموضع قدميه قبل الخطو بهما..

و بعد ما وصلتُ إليه من نتائج، كررت ما قلته في المرة السابقة..
" ألا يعني هذا شيئاً ما؟! "
ربما لم يكن يعني في السابق، لكنني بدأت أعتقد بشدة أنه قد يعني..
و يعني الكثير أيضاً!
هي خطوة أخرى
خطوة من تلك الخطوات التي نجتازها في المسير على نفس الدرب الشاق.. و لكن الشائق!
و الله المستعان..

* * *



Jan 20, 2007

يا قلبي


صوتٌ يحييني..
ضحكته تلك.. و بسمتهُ..
ما أعظم شيءٍ يرضيني؟!
إن هو قد عاد بفرحتهِ..
فبأي حديثٍ يشجيني؟
يا قلبي..
ما بالك تسعدُ إن رقصَتْ
كلماتٌ منه على بابِكْ؟
أتتوقُ لطرقتِهِ، حتى لستفتح دون استئذانٍ
و ستُبْدِلُ شوقاً بعتابِكْ؟؟
يا قلبي..
أحزانك تثقل أنفاسي
تحبس عَبَراتٍ محمومة
و يطير لها أي نعاسِ..
جزع لرؤيتها..
هل حقاً
كانت تستر ما بحجابِكْ؟
ثقلت أحزانك يا قلبي
أستطرحُ بعضاً مما بك؟!
و تنام خفيفاً من حملٍ
كم كان ينوء به حامل

و أثير الهاتف أشكرهُ
عن نقل الصوت بلا عاذل..
و ربيع الجو أقبِّلهُ..
من أجل زهورٍ ينشرها
ما وُجِدَتْ فيهن ذوابلْ..
و سنين الكون أعاتبها
عن وقتٍ فات و لم تتركْ
لحبيبي أكثر من ذلك!

يا قلبي
ما بالك تسعد؟
نفحاتٌ منه بأعتابِكْ..
قل لي.. حدِّثني.. أسترضَى
بسطور تحيا بكتابِكْ؟
بسطورٍ إن سَمِعَتْ طرقاً
ترتابُ، و تصحو بعذابكْ؟
فلتسعدْ حين يكلمني
ما لحديث القلب مشارك..
فحبيب العمر و عامرهُ
يبغضه الحزنُ، فيرضيني
و صروف الدهر تعابثني..
تبتاع الغمّ، و تشريني

و أتاني
صوتٌ يحييني.

* * *

Jan 14, 2007

قتلتها

سمعته..
قرأته..
علمتُ ما فعلته!
أكان بي شجاعة..
أذيع ما عملته؟!
قتلتها بصبرِها..
سكنتُ دفءَ صدرها..
فقلت: لا
و لم أقل
بأنني قتلتها..

مشاهدٌ.. مواقفُ
تذيبُ سورَ حُجَّتي
فعلتُ ما ظننته
مسانداً لقلعتي
هدمتُ ما بنيته
و خار تحته غدي!

أنا.. أنا
فعلتها!
قتلتُ مَنْ أحبها..
أحبها.. أحبها
ألم تقل لكم: أنا
معذَِبٌ.. مغفَّلُ
أنامُ عن لقائها..
و قلبها أقتِّلُ
أشاركُ الزمانُ في
قتاله و جهدِه
ليسحقَ الزمانُ مَنْ
تجهِّزُ العشاءَ لي
حماقة.. خيانة..
فلتَدْعُها بكل ذي
ظلمتُ مَنْ بهمسِها
تذكِّرُ النجومَ بي
أنا، ككل مجرمي
مدينتي
يحلُّ شنقه.. و لي جرائمي
قتلتها.. بحبها
و لم أكن أرى يدي
سمعتُ عذبَ قولها..
حرمتها
و لي فمي!
أعيش كل يومها..
بقلبها و فكرها...
تموتُ ما أعيش في
شواغل النهار، ثمّ يستبينُ طيفها
دقيقة.. أو بعضَها!
لأنني ذكرتها، و قد قضَيْتُ مطلبي
قتلتها.. قتلتها..
و لم أجُدْ بأدمعي..
فيا هلاك كل ما
وددتُ لو كان معي
و يا ملاك.. شمسه
تضيءُ لي
ألا اسمعي
لقد سرقتي آثماً..
لديك قلبُه غفا
أباك آدمَ اذكري
فعنه ربُّنا عفا!
يا حبَّ عمريَ الذي
أضعته، و لا أعي
فسامحي، و لاطفي
لأجل طفلنا (علي)

* * *