إنها لي

الهدف الرئيسُ مِن هذه المدونة هو تأريخٌ لما أكتب، فلستُ أزعمُ أن أفيدَ بها أحداً سواي

Mar 14, 2008

هي والألوان


المشهد الأول

غرفة صغيرة خالية، ذات جدران أربعة، بلا نوافذ، و لا أبواب، نرى بها فتاة صغيرة..

-------------
الفتاة:
كيف الألوانْ ؟
قالوا لي: إنَّ الأحمرَ كالأصفَرْ
بل هو يتوَقَّدُ أكثَرْ
هُمْ يخشَونَ عليّ النارْ
قالوا لي: إنَّ الأخضرَ بُسْتانْ

يتهدج صوتُها :
لمْ أرَ بستاناً كَيْ أعرفْ!
قالوا لي: إنَّ الأبيضَ سَبْعةُ ألوانْ
قالوا لي:....
لا،لا، لم أسمَعْ
بل في هذا اللونِ ، حياتي
هذي غرفتيَ، و هل فيها
لونٌ يقطنُ غيرُ الأسودْ ؟!
و سمعتُ أخيراً، أنْ ليس يُصنَّفُ مِن ضمنِ الألوانْ
بل هو شيءٌ شرّيرْ
يبتلعُ الألوانَ جميعاً، لا يعكسُ منها شيئاً

في سخرية مريرة:
ها ها ها.. يا لغبائي!
حتى لوني المعروفُ لديّ
ليس بلَوْنْ!

تصرخُ:
كيفَ الألوانْ؟
كيفَ الألوان؟

* * *
المشهد الثاني:

عينُ المشهدِ الأول..

--------------

الفتاة:
يراقبون غرفتي
يصادرون حُجّتي
يفتِّشون مَنْ تجيءْ
لعلها، في جوف ثوبِها طَوَتْ
جهازَ إفهامٍ جريءْ
لعلها ستَهْتِكُ التابو

تشير حولها في حسرة:
يكبُرْنَ يوماً بعد يومْ
يجابُ سؤلُهُن
تدورُ طائراتُ حرِّياتِهِن
في سماءِ ذلتي
أنا ؟ بلى.. أكبرُ يوماً بعدَ يومْ
تبنِي سنونَ عُمري في نَهَمْ
قوائمَ المحظورْ
لتستزيد حَيْرتي
و عقلي هدَّموهْ
و خَوْفي قدَّموهْ !
* * *
المشهد الثالث:

عينُ المشهدِ الأول..

-------------

الفتاة:
منذُ أرْبَعة عَشرَ قدْ وُلِدْتْ
و بَعْدَ مَوسِمَيْن مِنْ خريفْ
سأنتهي
سيُعلِنون زيجتي
تشيرُ لي أكُفُّهمْ: "تخيَّري "
لكنني، و منذ يومي ذا، أقولُ لا خيارْ
سيأتي واحدٌ، "سَلِي"
سيمدحونَ خُلْقَه
سيرْفَأونَ دينَه
لنْ أرفُضَهْ
سيغلقون يومَها ورائي بابَ دارْ
"ها قد رأيتِ واحداً من الرجالْ "
سيسمعونَ صيْحةً،
و صرخةً،
و دَمعةً
و لن أجارْ

* * *


المشهد الرابع:

عينُ المشهدِ الأول..

-----------

الفتاة في فرحٍ:
للهِ الحمدْ
لم يخترعوا ما يكْشِفُ سِتْرَ الفكرةِ بعدْ !

في لهجة من تسأل نفسَها:
فيمَ أفكِّرْ ؟؟

تدور حولَ نفسها:
في رجلٍ ممشوقِ القد
فارسُ أفكاري ذو سيفٍ مصقولِ الغمدْ
فوق ذراعيهِ سيحْمِلُني
و سيُرْ...

تبتر حديثها بغتة:
ما هذا؟؟!

تلطمُ خديها:
يا ويلي!
يا ويلي.. ويْلي.. يا ويلي..
ماجنةٌ إنّي
لو كانوا اخترعوا ما يقرأ
فكْرَ المرأةِ ، لرَمَوْني
من قمّةِ (إفرِستْ)

تبتسم:
كانت أعلى قممِ العالَمِ
يومَ تركتُ الفصلَ بلا عودةْ
و لزمتُ الغرفةَ ذي، رغما عني


تتنهد:
آهٍ ، يالله!
أرْسِلْ لي رجلا ذا شاربْ
أو ذا طولٍ مثلَ مُحاربْ
أرسل لي رجلا ذا كفٍّ
يشتاقُ لكي يلمسَ شَعْري
أرسلْ لي رجلا ذا شَفَةٍ
تلثم رأسي حينَ أعاتِبْ

تهزُّ رأسها في قوة:
ويلي! هالكةٌ، مَهْ.. ويلٌ لي!
يا ذات حياءٍ منزوعٍ،
و قليلةَ أدَبٍ
كُفّي

تضع كفها على فيها، و تضحك في براءة:
لله الحمدْ
لم يفضَحني فكري بعدْ !!

تعود فتفكر:
هل آثمُ أني
أطلبُ مجنوناً بي؟!
مِمَّ عرفتِ المجنونْ ؟!
من (قَيْسٍ)، مِنْ (ليلى) ؟!
مما ترويه الفتياتُ قُبَيْلَ الحصّةْ ؟!
يبدو أنَّ المَدْرسةَ – كما قالوا – تفْسِدُ أخلاقَ الأنثى!

* * *


المشهد الخامس:

عينُ المشهدِ الأول..

------------

الفتاة في حزم:
مهما سجنوني، سأفكّرْ
و سأحْلُمُ، و سأبني قصرا
و سأرسمُ في الظلمةِ نورا
و أغني في الوحدةِ شِعرا

ترقصُ منتشية:
لا للأسودْ !
لا للأزرقْ !
لا لكآبةِ فكرٍ أخرَقْ !

تدق على أحد الجدران الأربعة في قوة:
سأحطِّمُ جدرانَ العزلةِ
و أزيِّنُ نافذتي زَهرا

ينهار الجدار، فيكشف عن عالم صاخب وراءه، مليء بالألوان الزاهية، و الأضواء المبهرة:
لا للأسودْ
لا للأسودْ !
لا للغامقِ
لا للأغْمَقْ !

<< ستار>>

No comments:

Post a Comment