وحيداً كنتُ في بيتي
شقيقي الأكبرُ الغالي
تزوّج من عشيرتنا، كما أختي
و نمتُ مُضاجعاً صمتي
* * *
حينما كنَّا صغارا
لم يكن لنا الوفاقُ عارا!
كنا نعيثُ في الأرضِ الفسادا
والدي كان جوادا
يجودُ بالسوْطِ على ظهورنا، يمزِّقُ الأجسادا
ننامُ دامعِين، ثمّ ننتشِي نهارا
ألم تكنْ لنا الدموعُ عارا؟!
و الصمتُ كان عارا
لِمَ السكونُ؟ هل سيهوي بيتُنا
(إذا رفعنا صوتَنا جهارا) ؟
كان النهارُ عندنا صراخا
و الليلُ ما كان سُباتا
و هل تظنّ الأرضَ حينها مهادا؟!
ألعابُنا تزلْزِلُ الجبالا
نوزِّع الأدوارَ، هذا سارقٌ..
و تلك مَجنيٌّ عليها، مثل ذا..
كبيرناُ ينالُ دَوْرَ ضابطْ
كنا وبالا!
نكَسِّرُ المقاعدَ.. الدُّمَى.. أكوابَ الشرابِ.. ساعاتِ الحوائطْ
و نسرقُ الطعامَ و الشرائطْ!
ننيرُ أعواد الثقابِ.. نحْرِقُ الأثاثَ.. أمنُا تصيحُ
بينما أبونا ساخطْ!
كنَّا ضرارا
و حين تُجْتَلى جريمةُ الصغارِ.. كلُّنا مُرابِطْ
حتّى و إنْ أجْرَمَ واحدْ
لا فرقَ بين مُجرمٍ و بيْنَ شاهدْ
فالدمعُ منا ساقطْ
* * *
صرنا كبارا
ودَّعنا الطفولةَ المُعارَهْ
صرنا نلتقِي عيداً فعيدا
أمساً قد التقينا
- أولُ الأعيادِ نلتقي بعيدا -
روائحُ الدواءِ.. قفَّازُ الطبيبِ.. غرفةُ المريضهْ
ثيابُهم خضراءُ.. أصواتُ النحيبِ.. آلامٌ شديدهْ
صرخةُ المخاضِ حينها: " أنْ لا أريدَهْ !"
وَضَعَتْ أختي وليدا!
محاقنُ الغذاءِ.. أكياسُ الدماءِ.. أنفاسٌ جديدهْ
أفزعْتِ يا أخت الرجالا!
كمْ كنا عيالا
و اليومَ صرتُ خالا ؟
* * *
في يومنا، يصيرُ كلُّ شيءٍ بثَمَنْ
الموتُ ، و الحياةُ، و الأفراحُ، و الحَزَنْ
و الفَرْحُ جاءنا بالأمسِ، و سَكَنْ
لم ندفعْ فيهِ مالا!
لأنني بالأمسِ صرتُ خالا
أذَّنَ مُؤَذِّنٌ لهُ
قلتُ: سمّوهُ (بلالا)..
لكنْ.. سمَّوْه (مُصطفَى)
الفَرْحُ حلَّ عندنا
لكنه اكتفى!
* * *
(قلتُ لكم مرارا)
البيتُ كان دارا!
و حين تختفي مشاهدُ الرفاقِ.. تستحيلُ صورةً بالرَّدْهةِ التي
أمام حجرتي
ما عاد البيتُ دارا
* * *
سواعدُ الزمانِ تحوي (مصطفى)
تلقيهِ فوق فخذيا
ترميهِ ثَمَّ عاليا
يُرَدُّ في ذراعيا
إذا سألته أجابَ، إن شتمْته نفَى!
لله دَرّ (مصطفى)
أعادني السنين للوراءِ، بانَ لي
ما قد ظننتُه اختفى
تشقَّقتْ قلوبُنا تثّلُما
أعيادُنا سَهَتْ عن بعضِ وقتها، فنال بيتَنا الظما
ثمّ جئتَ فارتوَى
جَمَعْتَنا - يا طفلُ - من بعدِ النَّوَى
* * *