إنها لي

الهدف الرئيسُ مِن هذه المدونة هو تأريخٌ لما أكتب، فلستُ أزعمُ أن أفيدَ بها أحداً سواي

Nov 14, 2008

عشقي نَفسي

أحضن ديسميَ و ساقيَّا..
و أضمَُ ضلوعي في صدري..
لا أجد سوى حشو سريري قبراً للميّتِ مِنْ عَيْني
لا أعرفُ غيري لي مأوَى
أتكوَّرُ في زاويةِ الكون، و قدْ قفلوا بابَيْه عليّ
هي أعضائي ساهرةٌ معيَ لحُمَّى الروحِ بلا نَوْمِ
هل تُنْكرُ أنْ أعشقَ نفسي؟!
لمَ لا؟
و البعضُ بها يشبه عِلمي؟
لمَ لا،
و السرَّ بها يفضحُ علني؟
لمَ لا أعشقها، و الكلُّ حواليها زيفٌ
لا أثق بحقٍّ خارجها؟
كاذبةٌ كل حقائق أهل العِلم
و أهل الجهلِ
و أهل الأشباهِ، و أشباح الأهلِ
و مَنْ لا أهلَ لديه، و مَنْ ....

سلسلةٌ بغضاءُ اللفْ
و الكلُّ حواليها زيفْ
--------
نَفْسي هي مَنْ أنا أعشقها
هي قصة حبي، هي أوْفَى
مَنْ عاشتْ تؤلمني في خوفْ
هي مَنْ بحياتي تحيا، أو
إنْ مِتّ أنا، فلسوف تموتْ!
هي حقٌّ في لجلجِ ملكوتْ
أحببتُ سذاجتَها عمداً
أحببتُ براءتها مني،
إنْ خنتُ عهوداً لي معها
تباً ! حتّى أنْتِ تخونين !
----
حضني جسمي
دمعي عيني
روحي أختي
شِعري كفني
----

Nov 6, 2008

قسوة

استجابة لرسالتها لها ليلة أمس، ذهبت (مها) إلى المصلى لتلقى صديقتها..
تعانقتا كالعادة كلما التقت مَن تحب – أو مَنْ تعرف – ثم جلستا سويا..
صنعتا حلقة صغيرة مع ثلاث أخريات من صديقاتهما..
بدأن الحديث بسؤال سريع عن أخبار الجميع، و عن الدراسة و المذاكرة، و عن (أوباما) و فوزه، و اتحاد الطلاب، و العديد من هذه الأشياء..
تذكرت موعد محاضرتها.. الوقت يمر سريعا..
فتاة أخرى تدلف إليهن.. ينقضي المزيد من الوقت في العناق و الحديث، ثم ترحل القادمة لتعود الحلقة الصغيرة إلى سابق عددها..
- ايه رأيكم.. تيجي نقرا شوية قرآن؟
قالتها الصديقة بابتسامة كبيرة تعلو وجهها..
لم يعترضن بالطبع... بل رحبن، و بدأن مقرأتهن الصغيرة..
لا تنس أنهن أضعن المزيد من الدقائق الثمينة في اختيار الآيات التي سيقرأنها..
---------
دعواتها اتخذت مسارا آخر تلك الأيام..
يمر على الفرد منا أيامٌ تشغله فيها قضية ما، فتسيطر على لهجة الدعاء..
كانت قضية (مها) تلك الأيام هي أنها تشعر أنها بعدت كثيرا..
تشعر أن قلبها قسا كثيرا عما كان من قبل..
هل لأنها افتقدت صحبة صالحة؟
الفتيات كثيرات حولها، لكن لِمَ تشعر أن الحب و الاهتمام لم يعد كالسابق؟
هل هو فتور المشاعر الذي يحل كل حين و آخر؛ ليفسد علينا وتيرة واحدة استمرت طويلا – لكنها جميلة - ؟
حاولت كعادتها أن تجد تفسيرا منطقيا لما تشعر به من قسوة في قلبها، و من جمود رهيب في حركات حياتها كلها، إنها الدوامة اليومية التي تحياها بآلية شديدة، و بلا أدنى إحساس أو مشاعر..
الكلية.. المحاضرة.. الدرس.. الكتب.. الامتحان.. النوم.. الطعام..
ثم الكثير من الوقت المهدر في لا شيء..
كم سئمَتْ هذه الحياة!
لا، لم تكن هذه حياتها من قبل أبدا..
لم تكن يوماً هكذا، كي تعتاد هذا الجمود، و هذه القسوة، و جفاف الأيام الكئيب هذا..
لكم تمنت حينها لو شاهدت فيلما مؤثرا، أو رأت طفلا صغيرا مهانا، أو سمعت قصة رجل عُذِّبَ حتى الموت!
ليست شريرة لتتمنى هذا لأحد بالطبع، لكنها فقط أرادت أن تعرف أنها مازالت تملك قلبا رقيقا، يشعر و يتألم و يبكي، كما أحبته دوما و عرفته..
و لأنها قضيتها، فكانت تسيطر على دعواتها ليلا..
تسأل صحبة صالحة تعينها..
و تعوذ من قسوة القلوب..
---------
بعدما فرغن من التلاوة و استخراج ما جال بأذهانهن من خواطر، اعتدلت (مها) و سألت صديقتها في اهتمام:
- انتي كنتي عاوزاني في حاجة معينة، و لا نشوف بعض بس؟
ابتسمت صديقتها مرة أخرى، و غمغمت بكلمات لم تفهم منهن (مها) هل الدعوة بهدف أم بغير..
واصلن الحديث هكذا، إلى أن أعلنت (مها) أن الوقت قد حان لتغادرهن إلى حيث محاضراتها...
و يبدو أن هذا نبَه صديقتها؛ إنْ لم تفصح عن رغبتها الحقيقية في اللقاء الآن، فستغادر (مها) دون أن تظفر منها بشيء..
لذلك استوقفتها قبل أن تمضيَ بثوانٍ..
- أنا بس كنت عاوزة أشوفكم النهاردة عشان انتو عارفين قد ايه الصحبة الصالحة بتفرق مع الواحد.. عاوزين نشد بعض لفوق دايما...عاوزين نسأل على بعض.. عاوزين زي ما احنا قاعدين كده.. تحفنا الملائكة، نبقى قاعدين مع بعض في روضة في الجنة...
كانت تقول هذا و هي ترمق (مها) بنظرات خاصة...
فالدعوة كانت لها.. و الرسالة جاءتها وحدها ليلة أمس.. أو هكذا ظنَّتْ..
الصديقة تواصل حديثها العذب، و (مها) تثبِّت عليها بصرَها، و تبتسم رغما عنها..
لأن الدموع في مقلتيها لم تكن لتسمح لوجهها أن يبسم..
واصلت الفتاة حديثها:
- نفسي كده نبقى مع بعض على طول.. نبقى أصحاب كده، و نساعد بعض و نشد بعض..
خفضت (مها) عينيها..
لم تعد تستطيع الاستمرار..
لم تعد تستطيع تثبيت عينيها على صديقتها..
لم تعد حتى تقوى على الابتسام..
فقط البكاء المتزايد الصامت..
أما الفتاة فلم تعد تدير عينيها فيهن، و لم تعد توزع نظراتها عليهن..
بل أصبحت لا ترى إلا (مها)..
تمنَت لو تقطع حديثها تماماً، دون أن تفرغ منه؛ فقط لتحتضن (مها) بقوة..
قاومت هذه الرغبة..
واصلت حديثها..
و دموع (مها) لا تتوقف..
"هذه الفتاة تقول كلاماً مؤثرا للغاية!"
هكذا برّرت (مها) بكاءها لذاتها..
الغريب أنه لم يشعر بها أحد..
هل شعرت بها صديقتها لأنها كانت تواجهها مباشرة في الحلقة؟ و لأن الباقيات لا يرين وجهها بشكل مباشر كما تراه هي؟
---------
نهضت بغتة لتطوّق (مها) بذراعيها في قوة أم، و هي تهتف بابتسامة كبيرة:
- من الصبح و أنا عاوزة أحضنك!
ثم أشارت للباقيات: - البت دي رومانسية أوي!
كانت الرغبة متبادلة..
تمنت (مها) أيضا أن تحتضن صديقتها منذ أن انحدرت منها أول دمعة..
تمنت أن تشكرها..
أنتِ أعدتِ لي قلبي الحي..
أنتِ حركتِ داخلي الإنسان..
لكنها لم تشأ أن تقطع حديث الفتاة، أو تصيب الباقيات بالضيق، لأنها احتضنت واحدة و تركت الأخريات!
تخشَى على مشاعرهن جدا.. و تطويق واحدة دون الأخريات في مشهد لا يستدعي ذلك من وجهة نظرهن ربما ضايق إحداهن، أو أصابها بالغيرة..
لكنها فعلتها على أية حال.. وما كان لها أن تقاوم، و قد ضمتها الفتاة في قوة مماثلة لما قدرته (مها)..
استمر هذا العناق المختلف عن أي عناق آخر يكون ببداية أو نهاية أي لقاء يومي عادي..
و بعد نعت (مها) بالرومانسية، قالت الفتاة بصوت عال كأنها أرادت لقولها أنْ يُسمع:
- يا بخته!
احمرّت (مها) كثيرا، و هي تقدّر أنها لن تعرف كيف تجيب الفتاة..
سعَتْ لإنهاء اللقاء سريعا، و هي تعود للنظر في ساعتها، و تأنيب ضميرها لهذا التأخير الصريح عن موعد محاضرتها..
لا تحب التأخير، و تلتزم بمواعيدها دائما..
سيكون الباب قد أغلق في وجوه الطلاب..
ستدخل من الباب الخلفي..
لكن التأخيرَ في ذلك اليوم بالذات، لم يحظ منها بما كان يحظى سابقا من بغض، و تقريع..
بل كان تأخيرا مستحقا جدا في رأيها..
تأخير يساوي ثمن قلبٍ ..
ثمن جلاء قسوة قلب.
Align Right