الرصيف المقابل يلمعُ في غواية..
ترى كم ينفق من الوقت و الجهد كي يصل إليه؟
* * *
( هو لم يمت بطلاً ، و لكن مات كالفرسان بحثاً عن بطولة...
لم يلقَ في طول الطريق سوى اللصوص
حتى الذين ينددون كما الضمائر باللصوص
فرسان هذا العصر هم بعض اللصوص!)
* * *
تقدَّم خطوة...
ممسكاً بيدها النحيفة، و مستنداً إليها باليد الأخرى..
تقبضُ على كفه، كأنه عكازها الذي يعينها على السير بعد أن خذلتها قدماها، و بعد أن خذلها ما ادخرته من مال..
تبذل الكثير من الجهد لكي تتأكد أن هذه ابتسامة شقت لها طريقاً في منحنيات وجهه، و أخاديد تجاعيده المتعرجة..
يقول:
- هيا.. كدنا أن نعبر
تبتسم بدوْرها:
- مازلنا في الخطوة الأولى يا رجل!
يدير عينيه يميناً..
السيارات لا تنتهي..
* * *
( غصنُ صفصافٍ هزيلْ
أي عكازٍ و في الدربِ ملايين الحُفرْ؟! )
* * *
تهم بالعبور..
" مهلاً"
يزيد من قوة ضغط أصابعه المتدثرة براحتها، فيوقفها لحين هدوء هدير السيارات المارقة أمامهما..
تتوقف بجانبه في يأس..
- لا أمل..
غمغمت قانطة..
- لا تقنطي, هيا..
اتخذ قراره الحاسم
لن يتردد..
يبدأ حركته البطيئة، ساحبا معه يدها، ثم جسدها كله من ورائه..
- ماذا تفعل؟ هل جننت؟!
تصيح بكل ذعرها..
و قد بدت السيارات كوحوش تتحيَّن فرصة الانقضاض عليهما، لترديهما قتيليْن..
هادئ النفسِ، يقول:
- لا تجزعي.. إن الدنيا مازالت بخير
انظري..
أشار بطرفه، فنظرَتْ..
لقد أوقفا الشارع بحركتهما الوئيدة..
أبصرَتْ سائقِين متذمرين..
يكاد السبابُ ينفلت من الأفواه، و قد استبدل به بعضُهم حوقلةً، و دعاء بإطالة الروح..
عبرَتْ معه، و القلق يقفز من قلبها، ليطل راقصاً على شفتيها:
- سيدهسوننا.. سيفتتون عظامنا..
يضحك:
- ماذا تظنين الناس؟! وحوشاً؟ ألن يرقوا لحال شيخين مثلينا، فينتظرونا قليلاً؟!
* * *
(مسكينٌ أنت، فلا تملك إيزيس لتجمع أشلاءك)
* * *
كادت عربة أن تنطلق غير عابئة ، لتجتاز السيارة التي أمامها، لولا أن أشار سائق السيارة بيده صائحاً:
- انتظرْ يا رجل، سيعبران.
ابتسمت العجوز..
بدت لها السيارات كملائكة، مصطفة في انتظار عبورها، تشيّعها بالورود و الدعوات..
هتفت:
- يبدو أنك عل حق..
مازالت الدنيا بخير..
الناس يرقون لنا، و يصبرون على عبورنا، و يكبحون جماح من لا ييسِّر لنا من أمرنا عسراً..
* * *
(الآن سنرجو الصمتْ
فهنالك بشرٌ يستقبل عتبات الموتْ)
* * *
تبقَّت خطوتان..
كادا أن يصلا..
انشقت صفوف الملائكة عن ملك الموت..
سيارة لم يلمحها أحد، اندفعت كالصاروخ، لتطيح بالرجل في الهواء بكل قسوة..
يتجمع المارة حول العجوز التي تفترش الأرض، و تنوح على زوجٍ قضى:
- كان من رجال الجيش..
كان مستعداً للتضحية بحياته في سبيل الآخرين..
لكنه راح ضحية عبور شارع.
* * *
ترى كم ينفق من الوقت و الجهد كي يصل إليه؟
* * *
( هو لم يمت بطلاً ، و لكن مات كالفرسان بحثاً عن بطولة...
لم يلقَ في طول الطريق سوى اللصوص
حتى الذين ينددون كما الضمائر باللصوص
فرسان هذا العصر هم بعض اللصوص!)
* * *
تقدَّم خطوة...
ممسكاً بيدها النحيفة، و مستنداً إليها باليد الأخرى..
تقبضُ على كفه، كأنه عكازها الذي يعينها على السير بعد أن خذلتها قدماها، و بعد أن خذلها ما ادخرته من مال..
تبذل الكثير من الجهد لكي تتأكد أن هذه ابتسامة شقت لها طريقاً في منحنيات وجهه، و أخاديد تجاعيده المتعرجة..
يقول:
- هيا.. كدنا أن نعبر
تبتسم بدوْرها:
- مازلنا في الخطوة الأولى يا رجل!
يدير عينيه يميناً..
السيارات لا تنتهي..
* * *
( غصنُ صفصافٍ هزيلْ
أي عكازٍ و في الدربِ ملايين الحُفرْ؟! )
* * *
تهم بالعبور..
" مهلاً"
يزيد من قوة ضغط أصابعه المتدثرة براحتها، فيوقفها لحين هدوء هدير السيارات المارقة أمامهما..
تتوقف بجانبه في يأس..
- لا أمل..
غمغمت قانطة..
- لا تقنطي, هيا..
اتخذ قراره الحاسم
لن يتردد..
يبدأ حركته البطيئة، ساحبا معه يدها، ثم جسدها كله من ورائه..
- ماذا تفعل؟ هل جننت؟!
تصيح بكل ذعرها..
و قد بدت السيارات كوحوش تتحيَّن فرصة الانقضاض عليهما، لترديهما قتيليْن..
هادئ النفسِ، يقول:
- لا تجزعي.. إن الدنيا مازالت بخير
انظري..
أشار بطرفه، فنظرَتْ..
لقد أوقفا الشارع بحركتهما الوئيدة..
أبصرَتْ سائقِين متذمرين..
يكاد السبابُ ينفلت من الأفواه، و قد استبدل به بعضُهم حوقلةً، و دعاء بإطالة الروح..
عبرَتْ معه، و القلق يقفز من قلبها، ليطل راقصاً على شفتيها:
- سيدهسوننا.. سيفتتون عظامنا..
يضحك:
- ماذا تظنين الناس؟! وحوشاً؟ ألن يرقوا لحال شيخين مثلينا، فينتظرونا قليلاً؟!
* * *
(مسكينٌ أنت، فلا تملك إيزيس لتجمع أشلاءك)
* * *
كادت عربة أن تنطلق غير عابئة ، لتجتاز السيارة التي أمامها، لولا أن أشار سائق السيارة بيده صائحاً:
- انتظرْ يا رجل، سيعبران.
ابتسمت العجوز..
بدت لها السيارات كملائكة، مصطفة في انتظار عبورها، تشيّعها بالورود و الدعوات..
هتفت:
- يبدو أنك عل حق..
مازالت الدنيا بخير..
الناس يرقون لنا، و يصبرون على عبورنا، و يكبحون جماح من لا ييسِّر لنا من أمرنا عسراً..
* * *
(الآن سنرجو الصمتْ
فهنالك بشرٌ يستقبل عتبات الموتْ)
* * *
تبقَّت خطوتان..
كادا أن يصلا..
انشقت صفوف الملائكة عن ملك الموت..
سيارة لم يلمحها أحد، اندفعت كالصاروخ، لتطيح بالرجل في الهواء بكل قسوة..
يتجمع المارة حول العجوز التي تفترش الأرض، و تنوح على زوجٍ قضى:
- كان من رجال الجيش..
كان مستعداً للتضحية بحياته في سبيل الآخرين..
لكنه راح ضحية عبور شارع.
* * *